فلما فرغوا من جبيل ساروا إلى مدينة عكا استنجدهم الملك بغدوين ملك الفرنج صاحب القدس على حصارها فنازلوها وحصروها في البر والبحر.
وكان الوالي بها اسمه بنا ويعرف بزهر الدولة الجيوشي نسبة إلى الملك الجيوش الأفضل فقاتلهم أشد قتال فزحفوا إليه غير مرة فعجز عن حفظ البلد فخرج منه وملك الفرنج البلد بالسيف قهرا بأهله الأفعال الشنيعة وسار الوالي به إلى دمشق فأقام بها ثم عاد إلى مصر واعتذر إلى الأفضل فقبل عذره.
ذكر غزو سقمان وجكرمش الفرنج لما استطال الفرنج خذلهم الله تعالى بما ملكوه من بلاد الإسلام واتفق لهم اشتغال عساكر الإسلام وملوكه بقتال بعضهم بعضا فتفرقت حينئذ بالمسلمين الآراء واختلفت الأهواء وتمزقت الأموال.
وكانت حران لمملوك من مماليك ملكشاه اسمه قراجة فاستخلف عليها إنسانا يقال له محمد الأصبهاني وخرج في العام الماضي فعصى الأصبهاني على قراجة وأعانه أهل البلد لظلم قراجة.
وكان الأصبهاني جلدا شهما فلم يترك بحران من أصحاب قراجة سوى غلام تركي يعرف بجاولي وجعله أصفهسلار العسكر وأنس به فجلس معه يوما للشرب فاتفق جاولي مع خادم له على قتله فقتلاه وهو سكران.