المجيء ليسلموا البلد إليه فجمع عساكره وقصدهم وأرسل إلي من بالبلد وهو في الطريق يقول إنني لا أقدر على الوصول إليكم والفرنج يقاتلونكم إلا إذا سلمتم القلعة إلى نوابي وصار أصحابي فيها لأنني لا أدري ما يقدره الله تعالى إذا أنا لقيت الفرنج فإن انهزمنا منهم وليست حلب بيد أصحابي حتى أحتمي أنا وعسكري بها لم يبق منا أحد وحينئذ تؤخذ حلب وغيرها.
فأجابوه إلى ذلك وسلموا القلعة إلى نوابه فلما استقروا فيها واستولوا عليها سار في العساكر التي معه فلما أشرف عليها رحل الفرنج عنها وهو يراهم فأراد من في مقدمة عسكره أن يحمل عليهم فمنعهم هو بنفسه وقال قد كفينا شرهم وحفظنا بلدنا منهم والمصلحة تركهم حتى يتقرر أمر حلب ونصلح حالها ونكثر ذخائرها ثم حينئذ نقصدهم ونقاتلهم فلما رحل الفرنج خرج أهل حلب ولقوه وفرحوا به وأقام عنده حتى أصلح الأمور وقررها.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة انقطعت الأمطار في العراق والموصل وديار الجزيرة والشام وديار بكر وكثير من البلاد فقلت الأقوات وغلت الأسعار في جميع البلاد ودام إلى سنة تسع عشرة [وخمسمائة].
وفيها وصل منصور بن صدقة أخو دبيس إلى بغداد تحت الاستظهار فمرض بها فأحضر الخليفة الأطباء وأمرهم بمعالجته وأحضره عنده وجعل في حجرة وأدخل أصحابه إليه.