العسكر المصري وجاهر بالعصيان وأخرج من كان عنده من عسكر مصر خوفا منهم.
فلما عرف الأفضل ذلك خاف أن يسلم عسقلان إلى الفرنج فأرسل إليه وطيب قلبه وسكنه وأقره على عمله وأعاد عليه أقطاعه بمصر.
ثم إن شمس الخلافة خاف أهل عسقلان فأحضر جماعة من الأرمن واتخذهم جندا ولم يزل على هذه الحال إلى آخر سنة أربع وخمسمائة فأنكر الأمر أهل البلد فوثب به قوم من أعيانه وهو راكب فجرحوه فانهزم منهم إلى داره فتبعوه وقتلوه ونهبوا داره وجميع ما فيها ونهبوا بعض دور غيره من أرباب الأموال بهذه الحجة وأرسلوا إلى مصر بجلية الحال إلى الآمر والأفضل فسرا بذلك وأحسنا إلى الواصلين بالبشارة وأرسلا إليه وليا يقيم به ويستعمل مع أهل البلد الإحسان وحسن السيرة فتم ذلك وزال ما كانوا يخافونه.
ذكر ملك الفرنج حصن الأثارب وغيره في هذه السنة جمع صاحب أنطاكية عساكره من الفرنج وحشد الفارس والراجل وسار نحو حصن الأثارب وهو بالقرب من مدينة حلب بينهما ثلاثة فراسخ وحصره ومنع عنه الميرة فضاق الأمر على من به من المسلمين فنقبوا من القلعة نقبا قصدوا أن يخرجوا منه إلى خيمة صاحب أنطاكية فيقتلوه فلما فعلوا ذلك وقربوا من خيمته استأمن إليه صبي أرمني فعرفه الحال فاحتاط واحترز منهم وجد في قتالهم حتى ملك الحصن قهرا وعنوة وقتل من أهله ألفي رجل وسبى وأسر الباقين.