قاربا بغداد خرج الوزير إلى لقائه وكان قدومه تاسع المحرم سنة ثلاث وعشرين [وخمسمائة].
وكان الوزير أبو القاسم الأنساباذي قد قبض السلطان محمود عليه فلما اجتمع بالسلطان سنجر أمر بإطلاقه فأطلقه وقرره سنجر في وزارة ابنته التي زوجها السلطان محمود فلما وصل معه إلى بغداد أعاده محمود إلى وزارته في الرابع والعشرين من المحرم وهي وزارته الثانية.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة ثامن صفر توفي أتابك طغتكين صاحب دمشق وهو مملوك الملك تتش بن ألب أرسلان وكان عاقلا خيرا كثير الغزوات والجهاد للفرنج حسن السيرة في رعيته مؤثرا للعدل فيهم وكان لقبه ظهير الدين ولما توفي ملك بعده ابنه تاج الملوك بوري وهو أكبر أولاده بوصية من والده له بالملك وأقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته.
وفيها مستهل رجب توفي الوزير جلال الدين أبو علي بن صدقة وزير الخليفة وكان حسن السيرة جميل الطريقة متواضعا محبا لأهل العلم مكرما لهم وله شعر حسن فمنه في مدح المسترشد بالله:
(وجدت الورى كالماء طعما ورقة * وأن أمير المؤمنين زلاله) (وصورت معنى العقل شخصا مصورا * وأن أمير المؤمنين مثاله) (ولولا طريق الدين والشرع والتقى * لقلت من الإعظام جل جلاله)