ذكر موت المعز بن باديس وولاية ابنه تميم في هذه السنة توفي المعز بن باديس صاحب إفريقية من مرض أصابه وهو ضعف الكبد وكانت مدة ملكه سبعا وأربعين سنة وكان عمره لما ملك إحدى عشرة سنة وقيل ثمان سنين وستة أشهر.
وكان رقيق القلب خاشعا متجنبا لسفك الدماء إلا في حد حليما يتجاوز عن الذنوب العظام حسن الصحبة مع عبيدة وأصحابه مكرما لأهل العلم كثير العطاء لهم كريما وهب مرة مائة ألف دينار للمستنصر الزناتي وكان عنده وقد جاءه هذا المال فاستكثره فأمر به فأفرغ بين يديه ثم وهبه له فقيل له لم أمرت فإخراجه من أوعيته قال لئلا يقال لو رآه ما سمحت نفسه به؛ وكان شعر حسن.
ولما مات رثاه الشعراء، فمنهم أبو الحسن بن رشيق فقال:
(لكل حي وإن طال المدى * لا عز مملكة يبقى ولا ملك) (ولى المعز على أعقابه فرمى * أو كاد ينهد من أركانه الفلك) (مضى فقيدا وأبقى في خزائنه * هام الملوك وما أدراك ما ملكوا) (ما كان إلا حساما سله قدر * على الذين بغوا في الأرض وانهمكوا) (كأنه لم يخض للموت بحر وغى * خضر البحار إذا قيست به برك)