فلما كان وقت العصر خرج من الدار التي كان بها يريد دار النساء فسمع صوت صياح متظلم شديد الحرقة وهو يقول ذهب المسلمون فلم يبق من يكشف مظلمة ولا يأخذ بيد ملهوف فأحضر عنده رحمة له فحضر فقال ما حالك فدفع إليه رقعة فبينما فخر الملك يتأملها إذ ضربه بسكين فقضى عليه فمات فحمل الباطني إلى سنجر فقرره فأقر على جماعة من أصحاب السلطان كذبا وقال إنهم وضعوني على قتله وأراد أن يقتل بيده وسعايته فقتل من ذكر وكان مكذوبا عليهم ثم قتل الباطني بعدهم وكان عمر فخر الملك ستا وستين سنة.
ذكر ملك صدقة بن مزيد تكريت في هذه السنة في صفر تسلم الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد قلعة تكريت وقد ذكرنا فيما تقدم أنها كانت لبني مقن العقليين وكانت إلى آخر سنة سبع وعشرين وأربعمائة بيد رافع بن الحسين بن مقن فمات ووليها ابن أخيه أو منعة خميس بن تغلب بن حماد ووجد بها خمسمائة ألف دينار سوى المصاغ وتوفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ووليها ولده أبو غشام.
فلما كان سنة أربع وأربعين [وأربعمائة] وثب عليه عيسى فحبسه وملك القلعة والأموال فلما اجتاز به طغرلبك سنة ثمان وأربعين [وأربعمائة] صالحه على بعض المال فرحل عنه.