فخرج الخبازون ينثرون الخبز وهو ينهاهم فلم ينتهوا وكذلك أصحاب الفاكهة والحلواء وغيرهم وخرج إليه من الأساكفة وقد عملوا مداسات لطافا تصلح لأرجل الأطفال ونثروها فكانت تسقط على رؤوس الناس فكان الشيخ يتعجب ويذكر ذلك لأصحابه بعد رجوعه ويقول ما كان حظكم من ذلك النثار فقال له بعضهم ما كان حظ سيدنا منه فقال: [أما] أنا فغطيت بالمحفة وهو يضحك. فأكرمه السلطان ونظام الملك وجرى بينه وبين إمام الحرمين أبي المعالي الجويني مناظرة بحضرة نظام الملك وأجيب إلى جميع ما التمسه ولم عاد أهين العميد وكسر عما كان يعتمده ورفعت يده عن جميع ما يتعلق بحواشي الخليفة.
ولما وصل الشيخ إلى بسطام خرج إليه السهلكي شيخ الصوفية بها وهو شيخ كبير فلما سمع الشيخ أبو إسحاق بوصوله خرج إليه ماشيا فلما رآه السهلكي ألقى نفسه من دابة كان عليها وقبل يد الشيخ أبي إسحاق فقبل أبو إسحاق رجله وأقعده موضعه وجلس أبو إسحاق بين يديه وأظهر كل واحد منهما من تعظيم صاحبه كثيرا وأعطاه شيئا من حنطة ذكر أنها من عهد أبي يزيد البسطامي ففرح بها أبو إسحاق.
ذكر حصر شرف الدولة دمشق وعوده عنها في هذه السنة جمع تاج الدولة تتش جمعا كثيرا وسار عن بغداد وقصد بلاد الروم أنطاكية وما جاورها فسمع شرف الدولة صاحب حلب،