وثلاثين، فجاءت ليلة سبع وعشرين منه وهي ليلة يعظمها أهل المغرب وبظاهر وهران ربوة مطلة على البحر وبأعلاها ثنية يجتمع فيها المتعبدون وهو موضع معظم عندهم فسار إليه تاشفين في نفر يسير من أصحابه متخفيا لم يعلم به إلا النفر الذين معه وقصد التبرك بحضور ذلك الموضع مع أولئك الجماعة الصالحين فبلغ الخبر إلى عمر بن يحيى الهنتاتي فسار لوقته بجميع عسكره إلى ذلك المتعبد وأحاطوا به وملكوا الربوة فلما خاف تاشفين على نفسه أن يأخذوه ركب فرسه وحمل عليه إلى جهة البحر فسقط من جرف عال على الحجارة ورفعت جثته على خشبة وقتل كل من كان معه.
وقيل إن تاشفين قصد حصنا هناك على رابية وله فيه بستان كبير فيه كل الثمار فاتفق أن عمر الهنتاتي مقدم عسكر عبد المؤمن سير سرية إلى ذلك الحصن يعلمهم بضعف من فيه ولم يعلموا أن تاشفين فيه فألقوا النار في بابه فاحترق فأراد تاشفين الهرب فركب فرسه فوثب الفرس من داخل الحصن إلى خارج السور فسقط في النار فأخذ تاشفين فاعترف فأرادوا حمله إلى عبد المؤمن فمات في الحال لأن رقبته كانت قد اندقت فصلب وقتل كل من معه وتفرق عسكره ولم يعد لهم جماعة وملك بعد أخوه إسحاق بن علي بن يوسف.
ولما قتل تاشفين أرسل عمر إلى عبد المؤمن بالخبر فجاء من تاجرة في يومه بجميع عسكره وتفرق عسكر أمير المسلمين واحتمى بعضهم بمدينة وهران، فلما وصل عبد المؤمن دخلها بالسيف وقتل فيها ما لا يحصى ثم سار إلى تلمسان وهما مدينتان شوط فرس أحدهما تاهرت،