وأقام إلى أن رفع الناس غلاتهم ثم سار إلى الخوارج وعبر الزاب إليهم فلقيهم قريبا من المغلة وتصافوا للحرب فاقتتلوا قتالا شديدا، وانكشف الخوارج عنه ليفرقوا جمعيته ثم يعطفوا عليه، فأمر الحسن أصحابه بلزوم مواقفهم ففعلوا فرجع الخوارج وحملوا عليهم سبع عشرة حملة، فانكشفت ميمنة الحسن وقتل من أصحابه وثبت هو فحمل الخوارج عليه حملة رجل واحد فثبت لهم وضرب على رأسه عدة ضربات فلم يؤثر فيه.
فلما رأى أصحابه ثباته تراجعوا إليه وصبر فانهزم الخوارج أقبح هزيمة وقتل منهم خلق كثير وفارقوا موضع الحركة ودخلوا آذربيجان.
وأما هارون فإنه تحير في أمره وقصد البرية، ونزل عند بني تغلب ثم عاد إلى معلثايا ثم عاد إلى البرية ثم رجع وعبر دجلة إلى حرة وعاد إلى البرية.
وأما وجوه أصحابه فإنهم لما رأوا إقبال دولة المعتضد وقوته وما لحقهم في هذه الوقعة راسلوا المعتضد يطلبون الأمان فأمنهم فأتاه كثير منهم يبلغون ثلاثمائة وستين رجلا، وبقي معه بعضهم يجول بهم في البلاد إلى أن قتل سنة ثلاث وثمانين [ومائتين] على ما نذكره.