وكان علي بن أبان بجبى على ما ذكرنا وسار يحيى بن محمد البحراني إلى نهر العباس ومعه أكثر الزنوج فبقي صاحبهم في قلة من الناس وأصحابه يغادون البصرة ويراوحونها لنقل ما نالوه منها فلما نزل عسكر أبي أحمد بنهر معقل احتفل من فيه من الزنوج إلى صاحبهم مرعوبين وأخبروه بعظم الجيش وأنهم لم يرد عليهم مثله وأحضر رئيسين من أصحابه فسألهما عن قائد الجيش فلم يعرفاه فجزع وارتاع.
ثم أرسل إلى علي بن أبان يأمره بالمسير إليه فيمن معه فلما كان يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى أتاه بعض قواده فأخبره بمجيء العسكر وتقدمهم وأهم ليس في وجوههم من يردهم من الزنوج وكذبه وسبه وأمر فنودي في الزنوج بالخروج إلى الحرب فخرجوا فرأوا مفلحا قد أتاهم في عسكر لحربهم فقاتلهم فبينما مفلح يقاتلهم إذ أتاه سهم غرب لا يعرف من رمى به فأصابه فرجع وانهزم أصحابه وقتلوا فيهم قتلا ذريعا وحملوا الرؤوس إلى العلوي واقتسم الزنج لحوم القتلى.
وأتي بالأسرى فسألهم عن قائد الجيش فأخبروه أنه أبو أحمد ومات مفلح من ذلك السهم فلم يلبث العلوي إلا يسيرا حتى وافاه علي بن أبان ثم إن أبا أحمد رحل نحو الأبلة ليجمع ما فرقته الهزيمة ثم سار إلى نهر أبي الأسد ولما علم الخبيث كيف قتل مفلح ولم ير أحدا يدعي قتله زعم أنه هو الذي قتله وكذب فإنه لم يحضره.