النهر حرب شديدة وذلك أن عليا كان قد جمع عنده جمعا كثيرا من الموالي والأكراد وغيرهم، بلغت عدتهم خمسة عشر ألفا بين فارس وراجل فعبأ أصحابه ميمنة وميسرة وقلبا ووقف هو في القلب وأقبل الصفار فعبر النهر فلما صار مع علي على أرض واحدة حمل هو وعسكره حملة واحدة على عسكر علي فثبتوا لهم ثم حمل ثانية فأزالهم عن مواقفهم وصدقهم في الحرب فانهزموا على وجوههم لا يلوي أحد على أحد.
وتبعهم علي يصيح بهم ويناشدهم الله ليرجعوا أو ليقفوا فلم يلتفت إليه أحد وقتل الرجالة قتلا ذريعا وأقبل المنهزمون إلى باب شيراز مع العصر فازدحموا في الأبواب فتفرقوا في نواحي فارس وبلغ بعضهم في هزيمته إلى الأهواز.
فلما رأى الصفار ما لقوا من القتل أمر بالكف عنهم ولولا ذلك لقتلوا عن آخرهم وكان القتلى خمسة آلاف قتيل وأصاب علي بن الحسين ثلاث جراحات ثم أخذ أسيرا لما عرفوه ودخل الصفار إلى شيراز وطاف بالمدينة ونادى بالأمان فاطمأن الناس وعذب عليا بأنواع العذاب وأخذ من أمواله ألف بدرة وقيل أربعمائة بدرة من السلاح والأفراس وغير ذلك ما لا يحد وكتب إلى الخليفة بطاعته وأهدى له هدية جليلة منها عشر بيزان بيض وباز أبلق صيني ومائة من مسك وغيرها من الطرائف،