فأبوا وقالوا: لا نفعل حتى نعلم نحن والعامة على أي شيء نحن فخرج إليهم بنفسه فقالوا له إن العامة قد اتهموك في خلع المستعين والبيعة للمعتز وتوجيهك القواد بعد القواد ويخافون دخول الأتراك والمغاربة إليهم فإن يفعلوا بهم كما عملوا في المدائن والأنبار فهم يخافون على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وسألوا إخراج الخليفة إليهم ليروه ويكذبوا ما بلغهم، فلما رأى محمد ذلك سأل المستعين الخروج إليهم فخرج إلى دار العامة ودخل إليه جماعة من الناس فنظروا إليه وخرجوا فأعلموا الناس الخبر فلم يقتنعوا بذلك فأمر المستعين بإغلاق الأبواب وصعد سطح دار العامة ومحمد بن عبد الله معه فرآه الناس وعليه البردة وبيده القضيب فكلم الناس وأقسم عليهم بحق صاحب البردة إلا انصرفوا فإنه آمن لا بأس عليه من محمد فسألوه الركوب معهم والخروج من دار محمد لأنهم لا يأمنوه عليه فوعدهم ذلك.
فلما رأى ابن طاهر فعلهم عزم على النقلة عن بغداد إلى المدائن فأتاه وجوه الناس وسألوه الصفح واعتذروا بأن ذلك فعل الغوغاء والسفهاء فرد عليهم ردا جميلا وانتقل المستعين عن داره في ذي الحجة وأقام بدار رزق الخادم بالرصافة وسار بين يديه محمد بن عبد الله بالحربة، فلما كان من الغد اجتمع الناس بالرصافة فأمروا القواد وبني هاشم بالمسير إلى دار محمد بن عبد الله والعود معه إذا ركب ففعلوا ذلك فركب محمد في جمع وتعبية ووقف للناس وعاتبهم وحلف أنه ما يريد للمستعين،