ارتحل فتركه، ثم أنشأ يحدثهم فقال: كنت أشهد اليهود يوم مدارسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق القرآن، ومن القرآن كيف يصدق التوراة. فبينما أنا عندهم ذات يوم قالوا: يا ابن الخطاب، ما من أصحابك أحب إلينا منك. قلت: ولم ذلك؟
قالوا: لأنك تغشانا وتأتينا. فقلت: إني آتيكم فأعجب من القرآن كيف يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق القرآن. قالوا:
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فالحق به. قال فقلت لهم عند ذلك: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو وما استرعاكم من حقه وما استودكم من كتابه، هل تعلمون أنه رسول الله؟ قال: فسكتوا. فقال لهم عالمهم وكبيرهم: إنه قد غلظ عليكم فأجيبوه. قالوا: فأنت عالمنا وكبيرنا فأجبه أنت. قال:
أما إذ نشدتنا بما نشدتنا فإنا نعلم أنه رسول الله. قلت: ويحكم إذا هلكتم. قالوا: إنا لم نهلك. قلت: كيف ذلك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ولا تتبعونه ولا تصدقونه؟ قالوا: إن لنا عدوا من الملائكة وسلما من الملائكة، وإنه قرن بنبوته عدونا من الملائكة. قلت:
ومن عدوكم ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل وسلمنا ميكائيل.
ثم قالوا: إن جبرائيل ملك الفظاظة والغلظة والاعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا. وإن ميكائيل ملك الرحمة والرأفة والتخفيف ونحو هذا. قال، قلت: وما منزلتهما من ربهما عز وجل؟ قالوا:
أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره. قال، قلت: فوالذي لا إله إلا هو إنهما والذي بينهما لعدو لمن عاداهما وسلم لمن سالمهما. وما ينبغي لجبرائيل أن يسالم عدو ميكائيل، وما ينبغي لميكائيل أن