يا عثمان ما هذا المنحى، أدونك أم بإذنك؟ قال: كل ذاك.
فقال: أما إنهم نعم الفتية فاتق الله يا عثمان وثب إلى الله.
قال: ما فعلت إلا حقا، أتريد أن تشهد علي وتقررني؟ قال: أنت وذاك، أما لكأنني بك قد أخذ منك بالحنو فذبحت كما يذبح الجمل. قال: لك مثل السوء. وخرج علي رضي الله عنه. فقال عبد الملك: أكنتم تعدون عثمان رضي الله عنه حليما؟ قال: وفوق ذلك.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي دأب قال: قدم عبد الملك المدينة وهو غضبان على أهلها، فصلى بهم بصلاة الصبح، فقرأ بهم في الركعة الأولى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله (1) " و " إذا زلزلت " وقرأ في الركعة الثانية سورة الفتح، و " إذا جاء نصر الله (2) " ثم خرج وعليه جبة خز، وكنا بين يديه نسمعه عابسا قد حفت به الحراب، وأهل المدينة يسبحون، فقال: يا أهل المدينة، مالكم تسبحون كأنكم أنكرتم دخولنا المسجد؟ أما والله لو قتلتكم في نواحيها لرأيتكم حلالا، الحمد لله الذي أذلكم بعد عزكم ووضعكم بعد ارتفاعكم وأنزل بكم بأسه الذي لا يرده عن القوم المجرمين، إنما مثلكم مثل القرية التي ضرب الله مثلها " قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (3) "