الحاجة عن الكل، لان الآية (1) ظاهرة في استحقاق جميع الأصناف المذكورة للصدقة، حيث إنه أضافها إليهم بلام التمليك في عطف البعض على البعض بواو التشريك، وما استنبط من هذا الحكم من العلة يكون رافعا لحكم المستنبط من هذا الحكم من العلة يكون رافعا لحكم المستنبط من، فلا يكون صحيحا.
وما يقال من أن مقصود الآية إنما هو بيان مصارف الزكاة وشروط الاستحقاق، فنحن، وإن سلمنا كون ذلك مقصودا من الآية، فلا نسلم أنه لا مقصود منها سواه، ولا منافاة بين كون ذلك مقصودا، وكون الاستحقاق بصفة التشريك مقصودا وهو الأولى موافقة لظاهر الإضافة بلام التمليك، والعطف بواو التشريك. ويقرب من هذا التأويل أيضا ما يقوله أصحاب أبي حنيفة في قوله تعالى:
* (فإطعام ستين مسكينا) * (58) المجادلة: 4) من أن المراد به إطعام طعام ستين مسكينا، مصيرا منهم إلى أن المقصود إنما هو دفع الحاجة، ولا فرق في ذلك بين دفع حاجة ستين مسكينا ودفع حاجة مسكين واحد في ستين يوما، وهو بعيد أيضا، وذلك لان قوله تعالى:
* (فإطعام) * (58) المجادلة: 4) فعل لا بد له من مفعول يتعدى إليه. وقوله: * (ستين مسكينا) * (58) المجادلة: 4) صالح أن يكون مفعول الاطعام، وهو مما يمكن الاستغناء به مع ظهوره، والطعام، وإن كان صالحا أن يكون هو مفعول الاطعام، إلا أنه غير ظاهر ومسكوت عنه، فتقدير حذف المظهر، وإظهار المفعول المسكوت عنه بعيد في اللغة، والواجب عكسه.
وإذا كان ذلك ظاهرا في وجوب رعاية العدد فيما استنبط منه يكون موجبا لرفعه فكان ممتنعا، كيف وانه لا يبعد ان يقصد الشارع مع ذلك رعاية العدد دفعا لحاجة ستين مسكينا، نظرا للمكفر بما يناله من دعائهم له، واغتنامه لبركتهم (2).
وقلما يخلو جمع من المسلمين عن ولي من أولياء الله تعالى يكون مستجاب الدعوة، مغتنم الهمة. وذلك في الواحد المعين مما يندر.