ولهذا كان نفي الحكم بالمانع وفوات الشرط مع وجود المقتضي متفقا عليه بين القائلين بتخصيص العلة، ومختلفا فيه مع انتفاء المقتضي.
وبتقدير انتفاء المقتضي فنفي الحكم له دون ما ظهر من المانع وفوات الشرط وإن أفضى إلى إلغاء مناسبة المانع وفوات الشرط مع اعتباره إلا أنه أولى من انتفائه للمانع أو فوات الشرط.
ولهذا، وقع الاتفاق من الكل على استقلاله بالنفي عند عدم المعارض ووقع الخلاف في استقلال المانع وفوات الشرط بالنفي مع القائلين بامتناع تخصيص العلة، فكان النفي له أولى (1).
ولا يمكن أن يقال بإحالة النفي على نفي المقتضي والمانع معا لأنه معا لأنه لا يخلو إما أن يكون كل واحد مستقلا بالنفي أو أن المقتضي للنفي الهيئة الاجتماعية منهما وهما بمنزلة أجزاء العلة النافية: لا سبيل إلى الأول لما بيناه من امتناع تعليل الحكم الواحد في صورة واحدة بعلتين مستقلتين، ولا سبيل إلى الثاني لان نفي المقتضي بتقدير انتفاء معارضه مستقل بالنفي إجماعا، وفيه إخراج المستقل عن الاستقلال وهو ممتنع. وإذا ثبت أنه لا بد في التعليل بالمانع وفوات الشرط من وجود المقتضي فلا بد من بيانه بطريق تفصيلي يدل على وجوده وعليته بما يساعد من الأدلة وإن اتفق أن كان الشارع قد نص على نفي الحكم، فهو دليل ظاهر على وجود المقتضى، لأنه لو لم يكن المقتضي موجودا، كانت فائدة التنصيص على النفي التأكيد لاستقلال نفي المقتضي بالنفي.
والأصل أن يحمل كلام الشارع على فائدة التأسيس، لكونها أصلا.
وإنما يتم ذلك بالنظر إلى وجود المقتضي.
فإن قيل: اعتقاد وجود المقتضي حملا للكلام على فائدة التأسيس يلزم منه نفي الحكم مع وجود ما يقتضيه، وهو خلاف الأصل، وليس مخالفة محذور مخالفة المقتضى مع كونه خلاف الأصل دفعا لمحذور حمل الكلام على فائدة التأكيد أولى من العكس.