وعن الثامنة: أنه إنما اختص البعض بتخلف الحكم دون البعض، لاختصاصه بمعارض لا تحقق له فيما كان الحكم ثابتا فيه.
وعن المعارضة الأولى: من المعارضات الدالة على التخصيص أنه لا دلالة لقول ابن مسعود على أن القياس الذي كان الحكم ثابتا على خلافه أنه حجة، فالاجماع على ذلك لا يكون مفيدا.
وإن كان حجة، لكن يمكن حمله على ما إذا كان تخلف الحكم عنه بطريق الاستثناء. ويجب الحمل عليه، جمعا بين الأدلة.
وعن الثانية: لا نسلم أن تخلف الحكم عن الامارة من غير معارض لا يخرجها عن كونها أمارة، وذلك، لأنه إما أن يكون كل ما توقف عليه التعريف في صورة كانت الامارة أمارة فيه قد تحقق في صورة تخلف الحكم أو لم يتحقق.
فإن كان الأول: فتخلف الحكم عنه ممتنع.
وإن كان الثاني: فالموجود في صورة التخلف ليس هو الامارة التي توقف عليها التعريف، بل البعض منها.
وعلى هذا، يكون تخريج كل ما ذكروه من الصور (1).
وعن الثالثة: بمنع كون المستنبطة مع تخلف الحكم عنها من غير معارض أمارة. وعلى هذا، فلم يوجد الجامع بين الأصل والفرع. وإن دلوا على كونها أمارة مع التخصيص بطريق آخر، فهو كاف في المطلوب، وخروج عن خصوص هذه الدلالة.
وعن الرابعة: أن المختار مما ذكروه من الأقسام قسم التوقف من الطرفين.
قولهم: إن ذلك يفضي إلى الدور - إنما يلزم إن لو توقف كون الامارة في كل واحدة من الصورتين على كونها أمارة في الصورة الأخرى توقف تقدم أما إذا كان ذلك بطريق المعية فلا، كما عرف ذلك فيما تقدم والله أعلم.