الفرع الأول إذا وجبت الزكاة في معلوفة الغنم، لا يكون ذلك نسخا لحكم قوله (ص): في الغنم السائمة زكاة لأنه لا يقتضي نفي الزكاة عن المعلوفة كما سبق في إبطال دليل الخطاب، وإنما يقتضي نفي الزكاة عن المعلوفة، بناء على حكم العقل الأصلي، فرفعه لا يكون نسخا لما تقدم وإن سلمنا أن دليل الخطاب حجة، وأنه يدل على نفي الزكاة عن المعلوفة فلا يخفى أن وجوب الزكاة فيها يكون رافعا لما اقتضاه دليل الخطاب، فيكون نسخا.
الفرع الثاني إذا زيدت ركعة على ركعتي الصبح بحيث صارت صلاة الصبح ثلاث ركعات.
قال أبو الحسين البصري هذا ليس بنسخ لحكم الدليل الدال على وجوب صلاة الصبح، لان زيادة الركعة، إما أن تكون نسخا للركعتين، أو نسخا لاجزائها ووجوبها، أو نسخا لوجوب التشهد عقيب الركعتين:
لا جائز أن يكون نسخا للركعتين، لان النسخ لا يتعلق بالافعال كيف وإن الركعتين قارتان لم يرتفعا.
ولا جائز أن يكون نسخا لأجزائها، وإلا كان زيادة غسل عضو آخر في طهارة الصلاة ناسخا لأجزائها ووجوبها، الذي كان قبل إيجاب غسل العضو الزائد، ولم يقل به من قال بهذا المذهب، كالقاضي عبد الجبار، كما عرف من مذهبه ولا جائز أن يكون نسخا لوجوب التشهد عقيب الركعتين، لأنه إنما كان واجبا آخر الصلاة، وذلك غير مرتفع، ولا متغير، وإنما المتغير آخر الصلاة، فإن آخرها كان بآخر الركعتين، والآن صار آخر الثلاث.
وقد قيل في إبطاله لا نسلم الحصر، فإنه كان يحرم الزيادة على الركعتين، والتحريم حكم شرعي، وقد ارتفع بالزيادة، وليس بحق إذ لقائل أن يقول: إنما يصح ذلك أن لو كان الامر بالركعتين مقتضيا للنهي عن الزيادة عليهما، وليس كذلك، بل أمكن أن يكون ذلك مستفادا من دليل آخر، فزيادة الركعة على الركعتين لا يكون نسخا لحكم الدليل الدال على وجوب الركعتين.