وإن لم تغير حكمه في المستقبل، فإنها لا تكون نسخا، وسواء كانت الزيادة لا تنفك عن المزيد عليه، كما لو وجب علينا ستر الفخذ، فإنه يجب ستر بعض الركبة.
ضرورة أن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، أو كانت الزيادة عند تعذر المزيد عليه، وذلك كإيجاب قطع رجل السارق، بعد قطع يديه وهذا هو مذهب الكرخي وأبي عبد الله البصري من المعتزلة.
ومنهم من قال إن كانت الزيادة قد غيرت المزيد عليه تغيرا شرعيا بحيث صار المزيد عليه، لو فعل بعد الزيادة على حسب ما كان يفعل قبلها، كان وجوده كعدمه، ووجب استئنافه، كزيادة ركعة على ركعتي الفجر، كان ذلك نسخا.
أو كان قد خير بين فعلين، فزيد فعل ثالث، فإنه يكون نسخا لتحريم ترك الفعلين السابقين، وإلا فلا، وذلك كزيادة التغريب على الحد، وزيادة عشرين جلدة على حد القذف، وزيادة شرط منفصل في شرائط الصلاة. كزيادة الوضوء، وهذا هو مذهب القاضي عبد الجبار.
ومنهم من قال إن كانت الزيادة متصلة بالمزيد عليه اتصال اتحاد رافع للتعدد والانفصال، كزيادة ركعتين على ركعتي الصبح، فهو نسخ، وإن لم تكن الزيادة كذلك، كزيادة عشرين جلدة على حد القذف، فلا تكون نسخا. وهذا هو الذي اختاره الغزالي والمختار أنه إن كانت الزيادة متأخرة عن المزيد عليه، وكانت رافعة لحكم شرعي كان ذلك نسخا، ووجب النظر في دليل الزيادة، فإن كان مما يجوز بمثله نسخ حكم النص، فهو نسخ، وإلا فلا. وإن لم تكن الزيادة متأخرة عن المزيد عليه أو كانت رافعة لحكم العقل الأصلي لا غير، لم يكن ذلك نسخا شرعيا، وإن كان نسخا لغويا، وجاز بكل ما يصلح أن يكون دليلا في موضعه، وإن لم يجز به النسخ، كالقياس وخبر الواحد ونحوه، وهذا هو اختيار أبي الحسين البصري.
وإذ أتينا على شرح المذاهب بالتفصيل، فلا بد من النظر فيما يتفرع على هذه المذاهب من المسائل الفرعية، والكشف عن وجه الحق في كل واحدة منها، تتمة للمقصود، وهي عشرة فروع: