وقيل: إنه عبارة عما لا يدخل في الكلام، إلا لاخراج بعضه بلفظ (إلا)، ولا يستقل بنفسه، وهو أيضا مدخول من وجهين:
الأول: أن الاستثناء لا لاخراج بعض الكلام، وإنما يكون إخراجا لبعض ما دل عليه الكلام الأول، وفرق بين الامرين.
الثاني: أنه لو قال القائل جاء القوم غير زيد فإنه استثناء مع أن لفظة (غير) قد وجد فيها جميع ما ذكروه من القيود، سوى قوله: لا يدخل في الكلام إلا لاخراج بعضه. فإن (غير) قد يدخل في الكلام لغرض النعتية، إذا لم يجز في موضعها (إلا) كقولك: عندي درهم غير جيد فإنه لا يحسن أن تقول في موضعها عندي درهم إلا جيدا فلا جرم كانت نعتا للدرهم، وتابعة له في إعرابه. وهذا بخلاف ما إذا قلت عندي درهم غير قيراط فإن (غير) تكون استثنائية منصوبة لامكان دخول إلا في موضعها. ويمكن أن يقال هاهنا إن النعتية ليست استثنائية، فلا ترد على الحد.
والمختار في ذلك أن يقال:
الاستثناء عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه دال بحرف (إلا) أو أخواتها على أن مدلوله غير مراد مما اتصل به، ليس بشرط، ولا صفة، ولا غاية.
فقولنا: (لفظ) احتراز عن الدلالات العقلية والحسية الموجبة للتخصيص.
وقولنا: (متصل بجملة) احتراز عن الدلائل المنفصلة.
وقولنا: (ولا يستقل بنفسه) احتراز عن مثل قولنا: قام القوم، وزيد لم يقم وقولنا: (دال) احتراز عن الصيغ المهملة.
وقولنا: (على أن مدلوله غير مراد مما اتصل به) احتراز عن الأسماء المؤكدة والنعتية.
كقول القائل جاءني القوم العلماء كلهم. وقولنا: (بحرف إلا أو أخواتها) احتراز عن قولنا قام القوم دون زيد. وفيه احتراز عن أكثر الالزامات السابق ذكرها وقولنا: (ليس بشرط) احتراز عن قول القائل لعبده من دخل داري فأكرمه إن كان مسلما وقولنا: (ليس بصفة) احتراز من قول القائل جاءني بنو تميم الطوال