الثاني: أن خطاب المجنون والصبي الذي لا يميز ممتنع، حتى إن من شافهه بالخطاب استهجن كلامه، وسفه في رأيه، مع أن حالهما لوجودهما واتصافهما بصفة الانسانية وأصل الفهم، وقبولهما للتأديب بالضرب وغيره، أقرب إلى الخطاب لهما، ممن لا وجود له.
احتج الخصوم بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، والمعقول:
أما الكتاب فقوله تعالى: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * (34) سبأ: 28) وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: بعثت إلى الأحمر والأسود ولو لم يكن خطابه متناولا لمن بعده، لم يكن رسولا إليه، ولا مبلغا إليه شرع الله تعالى، وهو خلاف الاجماع.
وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة ولفظ (الجماعة) يستغرق كل من بعده. فلو لم يكن حكمه على من في زمانه حكما على غيرهم، كان على خلاف الظاهر.