على إطلاقه. وأما حديث عائشة، فلأنها قالت هذا للرجال ولو كان الحكم عاما، لما صح منها تخصيص ذلك بالرجال.
قولهم: المألوف من عادة العرب تغليب جانب التذكير، مسلم، ونحن لا ننازع في أن العربي إذا أراد أن يعبر عن جمع، فيهم ذكور وإناث، أنه يغلب جانب التذكير، ويعبر بلفظ التذكير، ويكون ذلك من باب التجوز، وإنما النزاع في أن جمع التذكير إذا أطلق، هل يكون ظاهرا في دخول المؤنث ومستلزما له أو لا؟
وليس فيما قيل ما يدل على ذلك. وهذا كما أنه يصح التجوز بلفظ الأسد عن الانسان، ولا يلزم أن يكون ظاهرا فيه، مهما أطلق.
فإن قيل: إذا صح دخول المؤنث في جمع المذكر، فالأصل أن يكون مشعرا به حقيقة، لا تجوزا.
قلنا: ولو كان جمع التذكير حقيقة للذكور والإناث، مع انعقاد الاجماع على أنه حقيقة في تمحض الذكور، كان اللفظ مشتركا، وهو خلاف الأصل.
فإن قيل: ولو كان مجازا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد لدخول المسمى الحقيقي فيه، وهم الذكور، وهو ممتنع.
قلنا: ليس كذلك، فإنه لا يكون حقيقة في الذكور، إلا مع الاقتصار.
وأما إذا كان جزءا من المذكور، لا مع الاقتصار فلا.
كيف وإنا لا نسلم امتناع الجمع بين الحقيقة والمجاز، كما سبق تقريره.
وأما الوجه الثاني: فإنما استهجن من العربي أن يقول أنتم آمنون، ونساؤكم آمنات لان تأمين الرجال يستلزم الامن من جميع المخاوف المتعلقة بأنفسهم وأموالهم ونسائهم، فلو لم تكن النساء آمنات، لما حصل أمن الرجال مطلقا، وهو تناقض. أما أن ذلك يدل على ظهور دخول النساء في الخطاب فلا، وبه يظهر لزوم أمن النساء من الاقتصار على قوله للرجال أنتم آمنون.
وأما الوجه الثالث: فغير لازم، وذلك أن النساء وإن شاركن الرجال في كثير من أحكام التذكير، فيفارقن للرجال في كثير من الاحكام الثابتة بخطاب التذكير، كأحكام الجهاد في قوله تعالى: * (وجاهدوا في الله حق جهاده) * (22) الحج: 78) وأحكام الجمعة في قوله تعالى: