* (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) * ثم قال صلى الله عليه وسلم: خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فكان كلامه صلى الله عليه وسلم الذي ليس قرآنا ناسخا للحبس الذي ورد به القرآن.
فإن قال قائل: ما نسخ الحبس إلا قوله تعالى: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * قيل له: أخطأت، لان هذا الحديث يوجب بنصه أنه قبل نزول آية الجلد لأنه بيان السبيل الذي ذكر الله تعالى، وأمر لهم باستماع تلك السبيل، وأيضا فإن في الحديث التغريب والجلد، وليس ذلك في الآية التي ذكرت، فالحديث هو الناسخ على الحقيقة، لا سيما إذا كان خصمنا من أصحاب أبي حنيفة والشافعي أو مالك، فإنهم لا يرون على الثيب جلدا إنما يرون الرجم فقط، فوجب على قولهم الفاسد ألا مدخل للآية المذكورة أصل في نسخ الأذى والحبس الذي كان حد الزناة والزواني.
فإن قال قائل منهم: ما نسخ الأذى والحبس إلا ما روي مما كان نازلا وهو:
الشيخ والشيخة فارجموهما البتة، قيل له، وبالله تعالى التوفيق: قد تركت قولك ووافقتنا على جواز نسخ القرآن المتلو بما ليس مثله في التلاوة، وبما ليس مثله في أن يكتب في المصحف، فإذا جوزت ذلك، فكذلك كلامه صلى الله عليه وسلم بنص القرآن وحي غير متلو، وليس ذلك بمانع من أن ينسخ به.
وقد بلح بعضهم ههنا فقال: إنما عنى بقوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * غير المحصنين فقط وقال: كما خرج العبد والأمة من هذا النص، فكذلك خرج المحصن والمحصنة منه.
قال أبو محمد: فيقال له: إذا جوزت خروج حكم ما من أجل خروج حكم آخر بدليل، فلا ننكر على أبي حنيفة قوله: من تزوج أمه وهو يعلم أنها أنه فوطئها خارج عن حكم الزناة، ولا ننكر على مالك قوله: إن من وطئ عمته وخالته بملك اليمين، وهو يعلم أنهما محرمتان عليه خارج عن حكم الزناة، ولا تدخل أنت فيه اللوطي ولا ذكر له فيهم، وهذا من غلطهم أن يخرجوا من الزناة من وقع عليه اسم زان، وأن يدخلوا فيهم من لا يقع عليه اسم زان، وهذا