معها فيه، والعمل فعل النفس بتحريك الجسد، فهو شئ آخر غير الاعتقاد وقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما بقوله صلى الله عليه وسلم العمل بالنيات، فجعل النية وهي الاعتقاد غير العمل.
قال أبو محمد: وقد احتج القدماء - من القائلين بقولنا في هذه المسألة - بحجج منها أمره تعالى إبراهيم عليه السلام بذبح ولده، وقول إبراهيم عليه السلام: * (إن هذا لهو البلاء المبين) * وقالوا: هذا بيان جلي أن الذي أمر به نسخ قبل أن يكون، لان قوما قالوا: إنما أمر بتحريك السكين على حلق ولده فقط، فأبطل تعالى قولهم بقول إبراهيم: * (إن هذا لهو البلاء المبين) * ولو لم يؤمر بقتله لما كان في تحريك السكين على حلقه بلاء فصح بقول إبراهيم عليه السلام، أنه إنما أمر بقتل ولده وإماتته بالذبح، ثم نسخ ذلك قبل فعله.
قال أبو محمد: وهذا احتجاج صحيح لا ينفك منه أصلا.
فإن قال قائل: عرفونا ما الذي أراد الله تعالى منا إذا أمرنا بالشئ ثم نسخه قبل فعله، أراد العمل به ثم بدا له قبل فعله؟ أم أراد ألا يعمل به؟ والشئ إذا لم يرده تعالى فقد سخطه وكرهه ولم يرضه، فعلى قولكم إنه تعالى يأمرنا بما يكره ويسخط ويلزمنا ما لا يرضى كونه منا.
قال أبو محمد: فيقال، وبالله تعالى التوفيق، إنه تعالى أمر بما أمر من ذلك ولا مراد له إلا الانقياد في المأمور فقط، ولم يرد قط وقوع الفعل، ونهانا عنه قبل أن يكون منا، ولا يسأل عما يفعل، ولسنا ننكر أن يأمرنا تعالى الآن بأمر قد علم أن بعد مدة ينهى عنه ويسخطه، وإنما الذي ننكر أن يأمر تعالى بما هو ساخط له في حين امره، فهذا لا سبيل إليه. وأما أن يأمرنا بأمر قد علم أنه سينهانا عنه في ثاني الامر، ويسخطه بعد مرور وقت الامر به، فهذا واجب وهذه صفة كل نسخ، وكل أمر مرتبط بكل وقت، وبالله تعالى التوفيق، وقد اعترض بعضهم في أمره تعالى بخمسين صلاة، ثم جعلها تعالى إلى خمس بأن قال: