إليه في الوجود، لا على معنى أنه تعالى لا يوصف بالقدرة على ذلك - بل نعوذ بالله من الفكر في هذا أو التشكيك - بل هو عز وجل قادر الآن وأبدا على أن يبعث نبيا آخر بدين آخر، ولكنه أخبرنا أنه لا يفعل ذلك، مريدا لتركه وقوله الحق، فعلمنا أن كون ما لا يريد تعالى كونه، ممتنع أن يكون أبدا.
ويقال لمن أبى النسخ: ما الفرق بين أن يأمرنا الله بشئ في وقت ما، ويبينه لنا، ويعلمنا أنه إذا أتى وقت كذا وجب الانتقال إلى شئ آخر، وبين أن يأمرنا ولا يعلمنا أنه سينقلنا إلى شئ آخر؟ وهذا ما لا سبيل إلى وجود فرق فيه أبدا لذي تمييز وعقل، لأنه ليس لنا على الله تعالى شرط، ولا عليه أن يطلعنا على علمه، ولا يتقمن مسارنا، ولا أن يأخذ آراءنا في شئ، ومدعي هذا ملحد في دين الله عز وجل، كافر به مفتر عليه، وقد نص تعالى على ذلك بقوله تعالى:
* (ولا يحيطون بشئ من علمه الا بما شاء) * وبقوله عز وجل: * (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) * وهذا ما لا يخالفنا فيه إلا بعض اليهود، وأما أهل الاسلام فكلهم يجيزون النسخ، إلا بعض من منع من هذه اللفظة وأجاز المعنى، وهذا ما لا ننازعه فيه إذا سلم لنا الصفة المسماة، فلسنا ممن يشتغل بالاسم إلا حيث أوجب ذلك النص.
وأما اليهود: فغير منكر من شدة جهلهم وضعف عقولهم، وعظيم بهتهم وكذبهم وتناقض أقوالهم وصلابة وجوههم، ورخاوة قلوبهم وفر غيظهم على ربهم عز وجل، إذا أحل بهم من البلاء والذل والمهانة والخسة ما أحل، أن يدعوا أن لهم على ربهم شروطا أكثر من هذا، فهم يدعون لكلب من أخبارهم يسمى إشماعيل، لعنة الله عليه وعليهم أن الله - تعالى عما يقول اليهود المشركون علوا كبيرا - تعلق في خرب بيت المقدس بثياب إشماعيل، وهو يعنون ربهم - يبكي ويئن كما تئن الحمامة، وأنهم يعنون ربهم رغب إلى إشماعيل هذا الرذل أن يبارك عليه. بمعنى أن ربهم طلب من إشماعيل البركة، فمن كان ربه عنده في