المدينة، لكن من أباح ذلك حمل الام على حكم الربيبة، ومن منع أخذ بظاهر الآية وعمومها وهو الحق فلا مزية ههنا لأهل المدينة على غيرهم أصلا، وقد صح أن عمر استفتى ابن مسعود بالبتة وأخذ بقوله، وهذا مدني إمام أخذ بقول كوفي وذكر غريبة تضحك الثكالى ويدل على ضعف دين المموه، وقلة عقله: وهي أنهم ذكروا خبر ابن عمر إذ رأى سعدا وهو يمسح فلم يأخذ بعمله حتى رجع إلى المدينة فسأل أباه.
قال أبو محمد: وهذا عليهم لا لهم لان ابن عمر مدني، وقد خفي عليه حكم المسح وسعد مدني فلم يأخذ ابن عمر بفعله إلا أن يقولوا: إنه لا يجوز أن يؤخذ بقول مدني إلا إذا كان بين جدران المدينة.
فهذا حمق لا يقوله من لا مسكة له. وموهوا بما أنبأنا عبد الله بن الربيع قال: نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، أخبرنا محمد بن المثنى، نا خالد بن الحارث، نا حميد عن الحسن قال: قال ابن عباس وهو أمير البصرة في آخر الشهر: أخرجوا زكاة صومكم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض فقال: من هنا من أهل المدينة؟ قوموا فعلموا إخوانكم، فإنهم لا يعلمون أن هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل ذكر أو أنثى حر أو مملوك، صاعا من شعير أو تمر أو نصف صاع من قمح.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لوجوه: أولها: أنه خبر ساقط منقطع أخذه الحسن بلا شك من غير ثقة ذلك، لان الحسن لم يكن بالبصرة أيام ابن عباس أميرا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما نزلها الحسن أيام معاوية لا خلاف في هذا. وثانيها: أن البصرة بناها عتبة بن غزوان المازني من بني مازن بن منصور أخي سليم بن منصور، وهذا بدري من أكابر المهاجرين الأولين الممتحنين في الله تعالى في أول الاسلام سنة أربع عشرة من الهجرة في صدر أيام عمر رضي الله عنه، وإنما وليها ابن عباس لعلي في آخر سنة ست وثلاثين بعد يوم الجمل بعد اثنتين وعشرين سنة من بنيانها، وسكنها الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، ووليها أبو موسى الأشعري بعد عتبة بن غزوان، والمغيرة بن شعبة وغيرهما أيام عمر وطول أيام عثمان رضي الله عنهما، وولي قبض زكاتها أنس بن مالك في تلك الأيام.
فكيف يدخل في عقل من له مسكة عقل، أن مصرا يسكنه عشرات الألوف من المسلمين منهم مئون من الصحابة رضي الله عنهم، تداوله الصحابة من قبل