ثم نسألكم: هل ذلك الواحد عندكم مخالف للاجماع أم لا؟ فإن قالوا: نعم، قلنا لهم: ومخالف الاجماع عندكم كافر، فمن قولهم: نعم، قلنا لهم، فعلى هذا فابن عباس كافر، وزيد بن ثابت عندكم كافر، إذ أقررتم أنهما خالفا الاجماع، وبالله إن نسب ذلك إليهما فهو والله أحق منهما، بل هما المؤمنان الفاضلان رضي الله عنهما، وإن أبوا من تكفير من خالف هذا النوع من الاجماع تناقضوا وظهر فساد قولهم، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: أخبرنا عبد الرحمن بن خالد الهمداني، نا إبراهيم بن أحمد البلخي، حدثنا الفريري، نا البخاري، نا عبد العزيز بن عبد الله، نا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولو آيتان في كتاب الله تعالى ما حدثت حديثا، ثم يتلو: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) * إلى قوله: * (الرحيم) * إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في الأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون.
قال أبو محمد: ففي هذا أن الواحد قد يكون عنده من السنن ما ليس عند الجماعة، وإذا كان عنده من السنة ما ليس عند غيره، فهو المصيب في فتياه بهذا دون غيره.
قال أبو محمد: وبالعيان ندري أن المسلمين أقل من غيرهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنتم في الأمم قبلكم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، وذكر عليه السلام الصلاة والسلام أن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين وواحد إلى الجنة، ثم بالمشاهدة ندري أن الصالحين والعلماء أقل من الطالحين والجهال، وأن هذين الصنفين هم الأكثر، والجمهور، وبالمشاهدة ندري أن الزكي من العلماء هم أقل منهم بخلاف قول المخالف، وقد ذكر في باب إبطال التقليد قول ابن مسعود: لا يقول أحدكم أنا مع الناس. وذكرنا قبل هذا قول حذيفة: كيف أنت إذا سلك القرآن طريقا، وسلك الناس طريقا آخر؟ وبينا قبل وبعد أن العرض إنما هو اتباع القرآن وما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا معنى لقول أحد دون ذلك، كثر