وإنما كانوا يطلبون القرآن والسنن فنحن معهم، والحمد لله رب العالمين. وكل من قلد إنسانا بعينه، فقد خالف الجماعة، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد: وقد شغب بعضهم بأن قال لما أجمع نظراء هذا الواحد، وعلمنا أنهم مؤمنون يقينا بالجملة، وأنهم من الأمة بلا شك، ولم نقطع هذا الواحد المخالف لهم بأنه من الأمة، وكان واجبا علينا اتباع من نوقن أنهم من الأمة دون من لا نوقن أنه منها.
قال أبو محمد: وهذا خطأ، لان الله تعالى أمرنا عند التنازع بالرد إلى القرآن والسنة بقوله تعالى: * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * ومخالفة الواحد تنازع في المشاهدة والعيان، ولم يقل تعالى فردوه إلى الأكثر، ولا إلى من لم يخالفهم إلا واحد فصار من رد إلى غير القرآن والسنة، عاصيا لله عز وجل، مخالفا لامره. وقد حصل لذلك الواحد من ظاهر الاسلام في الحكم، كالذي لكل واحد من مخالفيه ولا فرق.
قال أبو محمد: واحتجوا أيضا بما رويناه من طريق ابن وهب، أخبرني أبو فهد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليتبع الأقلون العلماء الأكثرين.
قال أبو محمد: وهذا مرسل لا خير فيه، وباطل بلا شك، أول ذلك أنه محال، وهو عليه السلام لا يأمر بالمحال، لأنه لا يمكن أن يتبع الأقل والأكثر إلا بعد إمكان عد جميعهم، وقد بينا أن عد جميعهم لا يمكن البتة بوجه من الوجوه، ولا يقدر عليه إلا الخالق وحده لا شريك له.
ووجه آخر، وهو أن الصحابة رضوان الله عنهم، قد أصفقوا أثر موت النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتل أهل الردة، ولا ينفذ بعث أسامة بن زيد، وخالفهم أبو بكر وحده، فكان هو المحق وكانوا على الخط، فإن قالوا: قد رجعوا إلى قوله قلنا:
نعم، وهذه حجتنا، وإنما سألناكم عن الحال قبل أن يرجعوا إلى قول أبي بكر في ذلك.
وقد شغب بعضهم بما روي من أن الواحد شيطان، والاثنان شيطانان، والثلاثة ركب. قلنا: إنما هذا في نص الخبر نفسه في السفر فقط، وإلا فالمصلي النافلة وحده على قولهم شيطان، ومصلي الفريضة مع آخر شيطانان، وفي هذا ما فيه، نعوذ بالله العظيم من البلاء.