فقد شذ عنه، وكل قول خالف الحق فهو شاذ عن الحق، فوجب أن كل خطأ فهو شذوذ عن الحق، وكل شذوذ عن الحق فهو خطأ، وليس كل خطأ خلافا للاجماع، فليس كل شذوذ خلافا للاجماع، ولا كل حق إجماعا، وإنما نكلمكم ههنا في قولكم: ليس خلافا، ولكون ما عداه إجماعا، فقد ظهر كذب دعواهم وفسادها والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد: ووجدناهم احتجوا برواية لا تصح: عليكم بالسواد الأعظم ووجدنا من طريق محمد بن عبد السلام الخشني، عن المسيب بن واضح، عن المعتمر بن سليمان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجتمع أمة محمد على ضلالة أبدا، وعليكم بالسواد الأعظم فإنه من شذ شذ إلى النار.
قال أبو محمد: المسيب بن واضح منكر الحديث لا يحتج به، روى المنكرات منها: أنه أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، من ضرب أباه فاقتلوه وهذا لا يعرف ولو صح الخبر المذكور لكان معناه من شذ عن الحق، لا يجوز غير ذلك، وبما أنبأناه أحمد بن عمر بن أنس العذري، نا عبد الله بن الحسين، نا عقال، نا إبراهيم بن محمد الدينوري، نا محمد بن أحمد بن الجهم، نا أبو قلابة، نا وهب بن جرير بن حازم قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن جابر بن سمرة قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كقيامي فيكم فقال: من أحب منكم بحبوحة الجنة فليلتزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
نا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، أخبرني إبراهيم بن الحسن، نا حجاج بن محمد، نا يوسف بن أبي إسحاق، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن الزبير قال: قام عمر بن الخطاب أمير المؤمنين على باب الجابية فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كقيامي فيكم فقال: يا أيها الناس أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى إن الرجل يحلف قبل أن يستحلف، ويشهد قبل أن يستشهد، فمن سره أن ينال بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة فإن يد الله فوق الجماعة، ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ألا إن الشيطان مع واحد، وهو من الاثنين أبعد، من سائته سيئته وسرته حسنته فهو المؤمن.