مخالفة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بدعوى كاذبة مفتراة، وهذا لا يحل.
وإذا كان هذا القسم، فنحن نقطع حينئذ، ونثبت أنه لا بد من خلاف ثابت فيما ادعيتموه إجماعا، لان الله تعالى قد أعاذ أمة نبيه صلى الله عليه وسلم من الاجماع على الباطل والضلال لمخالفة القرآن وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنتم لم تقتنعوا بأن كذبتم على جميع الأمة حتى نسبتم إليهم الاجماع على الخطأ في مخالفة القرآن والسنة الثابتة، وهذه من العظائم التي نعوذ بالله العظيم من مثلها، وليس ههنا قسم ثالث أصلا، لما قد أوردنا من البراهين على أنه لا يمكن وقوع نازلة لا يكون حكمها منصوصا في القرآن وبيان النبي صلى الله عليه وسلم إما باسمه الأعم وإما باسمها الأخص.
قال أبو محمد: واعلموا أن إقدام هؤلاء القوم، وجسرهم على معنى الاجماع، حيث وجد الاختلاف، أو حيث لم يبلغنا ولكنه ممكن أن يوجد أو مضمون أن يوجد - فإنه قول خالفوا فيه الاجماع حقا، وما روي قط عن صاحب ولا عن تابع القطع بدعوى الاجماع حتى أتى هؤلاء الذين جعلوا الكلام في دين الله تعالى مغالبة ومجاذبة، وتحققا بالرياسة على مقلدهم وكفى بهذا فضيحة.
وأيضا قد تيقن إجماع المسلمين على أنه لا يحل لاحد أن يقطع بظنه اليقين فيه، فهذا إجماع آخر، فقد خالفوه في هذه المسألة، نا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي، نا ابن مفرج، نا إبراهيم بن أحمد بن فراس، نا محمد بن علي بن زيد، نا سعيد بن منصور، نا سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، قال: قال رجل لابن مسعود: أوصني بكلمات جوامع ، فقال له ابن مسعود: ا عبد الله ولا تشرك به شيئا، وزل مع القرآن حيث زال، ومن أتاك بحق فاقبل منه، وإن كان بعيدا بغيضا، ومن أتاك بالباطل فاردده وإن كان قريبا حبيبا.
قال أبو محمد: هذه جوامع الحق، اتباع القرآن وفيه اتباع بيان الرسول، وأخذ الحق ممن أتى به، ولئن كان لا خير فيه، وممن يجب بغضه وإبعاده، وألا يقلد خطأ فاضل، وإن كان محبوبا واجبا تعظيمه. نا حمام بن أحمد، نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي، نا عبد الله بن يونس المرادي، نا بقي بن مخلد، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا معاوية