مضى الكلام في المنع من القطع بالظن، وقال تعالى: * (وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم) * الآية، وقال تعالى: * (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم) *.
وهذا مالك يقول في موطئه - إذ ذكر وجوب رد اليمين على المدعي إذا نكل المدعى عليه - ثم قال: هذا ما لا خوف فيه عن أحد من الناس ولا في بلد من البلدان.
قال أبو محمد: وهذه عظيمة جدا، وإن القائلين بالمنع من رد اليمين أكثر من القائلين بردها. ونا أحمد بن محمد بن الجسور، نا وهب بن مسرة، نا ابن وضاح، نا سحنون، نا ابن القاسم قال: نا مالك: ليس كل أحد يعرف أن اليمين ترد ذكر هذا في كتاب السرقة من المدونة.
هذا الشافعي يقول في زكاة البقر: في الثلاثين تبيع، وفي الأربعين مسنة لا أعلم فيه خلافا، وإن الخلاف في ذلك عن جابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب وقتادة، وعمال ابن الزبير بالمدينة، ثم عن إبراهيم النخعي، وعن أبي حنيفة:
لأشهر من أن يجهله من يتعاطى العلم، إلى كثير لهم جدا من مثل هذا إلا من قال لا أعلم خلافا، فقد صدق عن نفسه، ولا ملام عليه، وإنما البلبلة والعار والنار على من أقدم على الكذب جهارا، فادعى الاجماع إذ لم يعلم خلافا.
وقد ادعوا أن الاجماع على أن القصر في أقل من ستة وأربعين ميلا غير صحيح وبالله إن القائلين من الصحابة والتابعين بالقصر في أقل من ذلك لأكثر أضعافا من القائلين منهم بالقصر في ستة وأربعين ميلا ولو لم يكن لهؤلاء الجهال الذين لا علم لهم بأقوال الصحابة والتابعين، إلا الروايات عن مالك بالقصر في ستة وثلاثين ميلا، وفي أربعين ميلا، وفي اثنين وأربعين ميلا، وفي خمسة وأربعين ميلا، ثم قوله: من تأول فأفطر في ثلاثة أميال في رمضان لا يجاوزها فلا شئ عليه إلا القضاء فقط.
وادعوا الاجماع على أن دية اليهودي والنصراني تجب فيها ثلث دية المسلم لا أقل، وهذا باطل. روينا عن الحسن البصري بأصح طريق أن ديتهما كدية