وهكذا جملة القرآن لا يشك مؤمن ولا كافر في أنه صلى الله عليه وسلم أتى به وذكر أن الله تعالى أوحاه إليه، وكذلك تحريم الام والابنة والجدة والخالة والعمة والأخت وبنت الأخت وبنت الأخ، والخنزير والميتة، وكثير سوى هذا.
قطع كل مؤمن وكافر أنه ص) وقف عليه وعلمه المسلمين، وعلمه المسلمون جيلا في كل زمان وكل مكان قطعا، إلا من أفرط جهله ولم يبلغه ذلك من بدوي أو مجلوب من أهل الكفر. ولا يختلف في أنه إذا علمه فأجاب إليه فهو مسلم، وإن لم يجب إليه فليس مسلما، وأن في بعض ما جرى هذا المجرى أمورا حدث فيها خلاف بعد صحة الاجماع وتيقنه عليها، كالخمر والجهاد وغير ذلك، فإن بعض الناس رأى ألا يجاهد مع أئمة الجور. وهذا يعذر لجهله وخطأه ما لم تقم عليه الحجة، فإن قامت عليه الحجة وتمادى على التدين بخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو كافر مشرك حلال الدم والمال لقوله تعالى: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) *. لآية:
فإن قيل: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فهلا أخرجتم بهذه الأشياء من الايمان كما أخرجتم من الايمان بوجود الحرج مما قضى صلى الله عليه وسلم، وترك تحكيمه.
قلنا: لأنه صلى الله عليه وسلم أتى بالزاني والسارق والشارب، فحكم فيهم بالحكم في المسلمين لا بحكم الكافر فخرجوا بذلك من الكفر، وبقي من لم يأت بإخراجه عن الكفر على الكفر، والخروج عن الايمان كما ورد فيه النص، فهذا أحد قسمي الاجماع.
والثاني: شئ يوقن بالنقل المتصل الثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه وفعله جميع من بحضرته، ومن كان مستضعفا أو غائبا بغير حضرته، كفتح خيبر وإعطائه إياها بعد قسمتها على المسلمين لليهود على أن يعملوها بأموالهم وأنفسهم، ولهم نصف ما يخرج منها من زرع أو تمر، على أن المسلمين يخرجونهم متى شاؤوا. وهكذا كل ما جاء هذا المجئ، فهو إجماع مقطوع على صحته من كل مسلم علمه أو بلغه، على أنه قد خالف في هذا بعد ذلك من وهم أو خط، فعذر