وعثمان، فقال: أشيروا علي، وكان عثمان جالسا فاضطجع، فقال علي وعبد الرحمن:
قد وقع عليها الحد، فقال عمر: أشر علي يا عثمان، قال: قد أشار عليك أخواك، قال: أشر علي أنت. قال عثمان: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه، فأمر بها عمر فجلدت مائة وغربها، ثم قال لعثمان: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه.
فهذا ابن عباس يخبر أنه منعته الهيبة من الانكار على عمر فيما يقطع ابن عباس أنه الحق، ويدعو فيه إلى المباهلة عند الحجر الأسود، وهذا أبو أيوب رجل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعي الانكار على عمر ضربه على الصلاة بعد العصر وبعيد ضربه، وهذا عثمان سكت وقد رأي أمرا أنكره في أشنع الأشياء وأعظمها وهو دم حرام يسفك بغير واجب، سأله عمر فتمادى على سكوته إلى أن عزم عليه وقد يسكت المرء، لأنه لم يلح له الحق، أو يسكت موافقا ثم يبدو له وجه الحق، أو رأى آخر بعد مدة فينكر ما كان يقول ويرجع عنه، كما فعل علي في بيع أمهات الأولاد، وفي التخيير بعد موافقته لعمر على كلا الامرين أو ينكر فلا يبلغنا إنكاره، ويبلغ غيرنا في أقصى المشرق وأقصى المغرب، أو أقصى اليمين، أو أقصى إرمينية.
وأما تنظيركم بأهل مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة، والبلاد التي ظهر فيها وغلب عليها قول ما، فهذا أعظم حجة عليكم لأنه لا يختلف اثنان أن جمهور القائلين بمذهب رجل ممن ذكرتم لم يخلو قط من خلاف لصاحبهم في المسألة والمسألتين والمسائل وكذلك لم تخل قط البلاد المذكورة من مخالف لمذهب أهلها ولا أكثر من غلبة مذهب مالك على الأندلس وإفريقية، وقد كان طوائف علماء مخالفون له جملة، قائلون بالحديث، أو بمذهب الظاهر، أو مذهب الشافعي. وهذا أمر مشاهد في كل وقت، ولا أكثر من غلبة الاسلام على البلاد التي غلب عليها، ولله الحمد، وإن فيها مع ذلك يهود ونصارى وملحدين كثيرا جدا.
فظهر فساد تنظيرهم عيانا، وعاد ما موهوا به مبطلا لدعواهم، وثبت بهذا