عظمت منفعة فعله ذلك، أحسن الله جزاءه.
وأما الأحرف السبعة، فباقية كما كانت إلى يوم القيامة، مثبوتة في القراءات المشهورة من المشرق إلى المغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، فما بين ذلك، لأنها من الذكر المنزل الذي تكفل الله تعالى بحفظه، وضمان الله تعالى لا يخيس أصلا، وكفالته تعالى لا يمكن أن تضيع.
ومن البرهان على كذب أهل الجهل وأهل الإفك على عثمان رضي الله عنه في هذا أنبأناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني، نا إبراهيم بن أحمد البلخي، نا الفربري، نا البخاري نا أمية - هو ابن بسطام - نا يزيد بن ربيع عن حبيب بن الشهيد عن ابن مليكة عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان: * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) * قال قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها؟ قال:
يا ابن أخي: لا أغير شيئا منه من مكانه. وبه إلى البخاري، نا موسى بن إسماعيل، نا إبراهيم، حدثنا أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق.
فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أم المؤمنين، أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بهما إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف.
وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
فهذان الخبران عن عثمان، إذا جمعا صححا قولنا وهو: أنه لم يحل شيئا من القرآن عن مكانه الذي أنزله الله تعالى عليه، وأنه أحرق ما سوى ذلك مما وهم فيه وأهم، أو تعمد تبديله متعمد. نا عبد الله بن الربيع التميمي، نا عمر بن عبد الملك الخولاني، نا أبو سعيد الأعرابي العزي، نا سليمان بن الأشعث، نا محمد بن المثنى، نا محمد بن جعفر، نا