حتى لو انتشر القول وعرفه جميع العلماء، وإن في الممكن أن يخالفه جمهورهم أو بعضهم، ثم هذا عمر قد جلد التي لم يرد عليها الرجم لجهلها، وهي محصنة مائة وغربها عاما، بحضرة علي وعبد الرحمن، وعثمان، ولم ينكروا عليه ذلك فإن كان عندهم إجماعا فيقولوا به، وليس من خصومنا الحاضرين أحد يقول بهذا، وإن كان سكوتهم ليس موافقة ولا رضى، فليتركوا هذا الأصل الفاسد المهلك في الدين لمن تعلق به، ولا بد من أحدهما بالتلاعب بدين الله عز وجل، وقد أريناهم سكوتهم رضي الله عما يقولون به، فمن الجاهل المنكر لهذا؟
حتى لو صح لهم أنهم عرفوه، فكيف وهذا لا يصح أبد الأبد على ما بينا.
فإن قال قائل: فإذ هو كما قلتم، فمن أين قطعتم بالخلاف فيه وإن لم يبلغكم وهلا أنكرتم ذلك على أنفسكم كما أنكرتموه علينا إذ قلنا: إنه إجماع قلنا:
نعم؟ فقلنا ذلك لبرهانين ضروريين قاطعين. أحدهما: أن الأصل من الناس وجود الاختلاف في آرائهم، لما قدمنا قبل اختلاف أغراضهم وطبائعهم، والثاني: لان الله تعالى بذلك قضى، إذ يقول: * (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) * فصح إن الأصل هو الاختلاف الذي أخبر تعالى أننا لا نزال عليه، والذي له خلقنا، إلا من استثنى من الأقل.
وبرهان ثالث: وهو الذي لا يسع أحدا خلافه، وهو أن ما ادعيتم فيه الاجماع بالظن الكاذب كما قدمنا، لا يخلو ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما أصلا. إما أن تدعوه في أمر موافق لنص القرآن أو السنة الثابتة المسندة، فهذا أمر لا نبالي اتفق عليه أم اختلف فيه، إنما الغرض أن يؤخذ بالنص في ذلك، سواء أجمع الناس أم اختلفوا، ولا معنى حينئذ للاحتجاج بدعوى الاجماع عليه والحجة قائمة بالنص الوارد فيه، فلا حاجة إلى القطع بالظن الكاذب في دعوى الاجماع البتة، وإما أن تدعوه في أمر لا يوافقه نص قرآن ولا سنة صحيحة مسندة بل هو مخالف لها في عمومها أو ظاهرهما، لتصححوه بدعواكم الكاذبة في أنه إجماع فهذه كبيرة من الكبائر، وقصد منكم إلى رد اليقين بالظنون، وإلى