لجهله ما لم تقم عليه الحجة، وكما ذكرنا قبل ولا فرق فلا إجماع في الاسلام إلا ما جاء هذا المجئ، ومن ادعى إجماعا فيما عدا ما ذكرنا فهو كاذب آفك مفتر على جميع المسلمين، قائل عليهم ما لا علم له به. وقد قال تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * وقال تعالى ذاما لقوم قالوا: * (إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) * وقال تعالى: * (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم ممن ربهم الهدى) * وقال تعالى: * (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) *.
فصح بنص كلام الله تعالى - الذي لا يعرض عنه مسلم - أن الظن هو غير الحق وإذ هو غير الحق فهو باطل وكذب بلا شك، إذ لا سبيل إلى قسم ثالث، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) *.
قال أبو محمد: فهذا هو الحق الذي لا يحيل عليه من سمعه، ثم حدث بعد القرن الرابع طائفة قلت مبالاتها بما تطلق به ألسنتها في دين الله تعالى، ولم تفكر فيما تخبر به عن الله عز وجل، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا عن جميع المسلمين، قصرا لتقليد من لا يغني عنهم من الله شيئا، من أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، الذين قد برئوا إليهم عما هم عليه من التقليد، فصاروا إذا أعوزهم شغب ينصرون به فاحش خطأهم في خلافهم نص القرآن، ونص حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبلحوا وبلدوا ونطحت أظفارهم في الصفا الصلد أرسلوها إرسالا فقالوا: هذا إجماع، فإذا قيل لهم: كيف تقدمون على إضافة الاجماع إلى من لم يروا عنه في ذلك كله؟ أما تتقون الله؟ قال أكابرهم: كل ما انتشر في العلماء واشتهر ممن قالته طائفة منهم، ولم يأت على سائر خلاف له، فهو إجماع منهم لأنهم أهل الفضل والذين أمر الله تعالى بطاعتهم، فمن المحال أن يسمعوا ما ينكرونه ولا ينكرونه، فصح أنهم راضون به، هذا كل ما موهوا به ما لهم متعلق أصلا بغير هذا، وهذا تمويه منهم ببراهين ظاهرة لا خفاء بها، نوردها إن شاء الله عز وجل وبه نستعين.
قال أبو محمد: أول ما نسألكم عنه أن نقول لكم، هذا لا تعلمون فيه خلافا، أيمكن أن يكون فيه خلاف من صاحب أو تابع أو عالم بعدهم لم يبلغكم أم لا يمكن ذلك البتة؟ فإن قالوا عند ذلك: إن قال هذا القول عالم كان ذلك إجماعا، وإن