وهذا باب لا يتعدى فيه مسموعه من العرب فقط، ولا يجوز أن يقاس عليه ، واحتجوا أيضا بقوله عز وجل: * (وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين) *.
قال علي: وهذا لا حجة لهم فيه، لان الضمير في حكم العربية أن يكون راجعا إلى أقرب مذكور إليه، وأقرب مذكور إلى الضمير قوله تعالى: * (غنم القوم) * فالقوم وداود وسليمان جماعة بلا شك فكأنه تعالى قال: وكنا لحكم القوم في ذلك أي للحكم عليهم، كما تقول هذا حكم أمر كذا، أي الحكم فيه وعليه.
واحتجوا أيضا بقوله تعالى: * (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض) * وبين تعالى أنهما اثنان بقوله في آخر الآية * (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) * ويقول أحدهما: * (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب) *.
قال علي: لا حجة لهم فيه، لان الخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة وقوعا مستويا، وكذلك الزور على الزائر الواحد والاثنين والجماعة، وكذلك الإلب والحرب، تقول هو إلب علي وهو حرب علي وهما حرب علي وإلب علي، وهم حرب علي وإلب علي، فلا يسوغ لاحد أن يقول: المتسورين على داود صلى الله عليه وسلم كانا اثنين دون أن يقول: بل كانوا جماعة، وقد قال ذلك بعض المفسرين، وقال تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * وإنما نزلت في ستة نفر، علي، وحمزة، وعبيد بن الحارث رضي الله عنهم، وفي عتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة، إذ تبارزوا يوم بدر، وقد أخبر تعالى في آخر الآية بما يبين أنهم جماعة يقول تعالى: * (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) * إلى منتهى قوله * (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) *.
حدثنا عبد الله بن يوسف، عن أحمد بن فتح، عن عبد الوهاب بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج، ثنا عمرو بن زرارة ثنا هشام، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما: * (هذان خصما اختصموا في ربهم) * إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر