عن الملاقى (بالفتح) والسر في ذلك ان ما يجب الاجتناب عنه هو ملاقي النجس القطعي فيجب الاجتناب عنه وان صار الملاقى غير واجب الاجتناب لأجل الاضطرار إليه أو لخروجه عن محل الابتلاء أو لغير ذلك واما المقام فليس ملاقيا للنجس بل ملاقي لشئ لم يحرز نجاسته ولم يثبت وجوب الاجتناب عنه عند حصول العلم الأول كما هو المفروض، و (بالجملة) بعدما حدث العلم الثاني، كشفنا عن أن العلم الأول الذي تعلق بوجوب الاجتناب عن الملاقى (بالكسر) أو الطرف كان وهنا محضا ولم يكن ملاك وجوب الاجتناب موجودا فيه، فيبطل ما يقال: إن الطرف كان واجب الاجتناب من أول الأمر ولم يحدث العلم الثاني تكليفا آخر بالنسبة إليه، ويصير الملاقى (بالفتح) مشكوكا بدئيا.
قلت: ان العلم الثاني لم يكشف الا عن سبب الاجتناب عن الملاقى (بالكسر) لا عن بطلان العلم الأول، والشاهد عليه انه بعد حصول العلم الثاني، ان لنا ان نقول الطرف واجب الاجتناب أو الملاقى (بالكسر) لكونه ملاقيا للنجس واقعا، غاية الأمر كان وجوب الاجتناب عن الملاقى (بالكسر) مجهولا سببه وكان المكلف معتقدا ان علة نجاسته على فرضها هو وقوع النجس فيه بلا واسطة ثم بان بان سببها هو الملاقاة لما هو نجس على فرض نجاسة الملاقى (بالفتح) وهذا مثل ما إذا وقفنا على وجوب أحد الشيئين ثم وقفنا على ضعف الطريق مع العثور على طريق صحيح فالتغاير في السبب لا يوجب التغاير في المسبب ههنا اشكالان ربما يقال بانحلال العلم الأول بالثاني قائلا بأنه أي فرق بين المقام وما إذا علم بوقوع قطرة من الدم في واحد من الإنائين ثم علم بعد ذلك بوقوع قطرة سابقا اما في هذا الاناء المعين من الإنائين أو في اناء ثالث، فلا ينبغي التأمل في أن الثاني من العلمين يوجب انحلال الأول منهما لسبق معلومه عليه، وان الأول منهما وإن كان متقدما حسب الوجود الا ان معلومه متقدم، وان شئت قلت: ان العلم الأول لم يحدث