في حجية الخبر الواحد وقد وقعت معركة للآراء ولا محيص للفقيه عن الخوض فيها لأنه يدور عليها رحى الاستنباط في هذه الاعصار فاستدل المنكرون بوجوه، من الآيات قوله تعالى : ان الظن لا يغنى من الحق شيئا. ولكن المتدبر في سياق الآيات يقف على انها راجعة إلى الأصول الاعتقادية ومنها قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا وذيل الآية يوجب تعميمها للفروع لو لم نقل باختصاصها بها. ولكن صحة الاستدلال بها مستلزمة لعدم جواز الاستدلال بها، وذلك لأنه يدل على نحو القضية الحقيقية على الزجر عن كل اتباع بغير علم يوجد في الخارج، مع أن الاخذ بظاهر الآية أيضا اتباع لغير علم ومصداق له، لان دلالتها على الردع عن غير العلم ظنية لا قطعية، فيلزم من الاخذ بمدلولها عدم جواز اتباعها لكون دلالتها بالفرض ظنية، والآية شاملة لنفسها لكونها قضية حقيقية.
وربما يقال: إن الآية غير شاملة لنفسها لأجل المحذور الذي ذكر، وبعبارة أخرى ان الآية مخصصة عقلا للزوم المحال لولا التخصيص: أقول إن الاستحالة مندفعة بأحد أمرين الأول ما ذكره القائل من عمومها لكل غير علم الا نفسه، و الثاني بتخصيصه بما قام الدليل على حجيته ولا ترجيح بل الترجيح للثاني، لان الآية وردت للزجر عن اتباع غير العلم، ولا يتم الزجر الا إذا كان ظاهرها حجة عند المخاطبين حتى يحصل لهم التزجر عند الزجر، ولا وجه لخروج ظاهر الآية عن هذا العموم الا كون الظواهر حجة عند العقلاء كسائر الظنون الخاصة، و (ح) فخروج ظاهر الآية أو مطلق الظواهر دون سائر الظنون تحكم محض لوجود البناء من العقلاء في الموردين هذا مع أن هذه الآية قابلة للتخصيص وما لا تقبل له راجعة إلى الأصول الاعتقادية.
ثم إن بعض أعاظم العصر " قدس سره " قد أجاب عن هذا الاشكال بما هذا حاصله