كما أن جريانها لا يدفع الالتزام بالحكم الواقعي لمكان الطولية (1) الأمر السادس: في العلم الاجمالي يقع الكلام في مرحلتين: الأولى: في ثبوت التكليف، بالعلم الاجمالي، الثانية، في جواز اسقاطه بالعمل على طبقه، وبما ان هذا البحث طويل الذيل، مترامي الأطراف، نحيل بعض المباحث إلى مبحث البراءة والاشتغال فنقول:
اما الأولى: فاعلم أنه قد يطلق العلم الاجمالي ويراد منه القطع الوجداني بالتكليف الذي لا يحتمل فيه الخلاف، ولا يحتمل رضا المولى بتركه، وقد يطلق على الحجة الاجمالية، كما إذا قامت الدليل الشرعي على حرمة الخمر على نحو الاطلاق ثم علمنا: ان هذا أو ذاك خمر، فليس في هذه الصورة علم قطعي بالحرمة الشرعية التي لا يرضى الشارع بتركه، بل العلم تعلق باطلاق الدليل والحجة الشرعية، والاجمال في مصداق ما هو موضوع للحجة الشرعية، و (حينئذ) فالعلم بالحرمة غير العلم بالحجة فما هو المناسب للبحث عنه في المقام هو الأول كما أن المناسب لمباحث الاشتغال هو الثاني.
فنقول المشهور المتداول كون العلم علة تامة لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة القطعيتين، وربما يقال بكونه علة، تامة بالنسبة إلى الثانية دون الأولى ونسب إلى بعضهم جواز المخالفة القطعية فضلا عن احتمالها، ولا يهمنا سرد الأقوال بعد كون المسألة عقلية محضة غير أن هذه الأقوال يظهر حالها صحة وفسادا بعد ملاحظة ما هو مصب النزاع في هذا الباب.
قد عرفت ان البحث في المقام انما هو عن القطع الوجداني بالتكليف الفعلي