تخصيص الكتاب بالآحاد الحق جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد، بعدما ثبت في محله ان المدرك الوحيد في حجيته هو بناء العقلاء على ذلك من دون ان يصدر عن الشارع تأسيس ولا اعمال تعبد، و ما ذكر من البناء لا يأبى عن القول بتقديمه على العموم الكتابي، وإن كان ظني السند، والاخر قطعي المدرك بعد احراز التوفيق بينهما في محيط القانون ومركز جعل الاحكام.
ومجرد اختلافهما فيما ذكر لا يوجب رفع اليد عنه والمصير إلى العموم، لعدم وقوع التعارض بين السندين حتى يتخيل الترجيح، بل بين الدلالتين، وهما سيان، ولذلك يخصص القائل بالمنع في المقام بخبر الآحاد الأخبار المتواترة مع اشتراكها في القطعية مع الكتاب الكريم، وما ورد من أن ما خالف كتاب الله زخرف أو لم نقله، أو باطل وغير ذلك من التعابير لا يمكن الاستشهاد به، إذ لازمه عدم جواز التخصيص بالخبر المتواتر لكون لسان تلك الأخبار آبية عن التخصيص جدا، والحل هو ان التعارض بالعموم والخصوص وإن كان يعد من التعارض الحقيقي، إذ الموجبة الكلية نقيضه السالبة الجزئية، ولكن العارف بأصول الجعل والتشريع وكيفيته، من تقديم بعض وتأخير آخر وان محيط التشريع يقتضى ذلك بالضرورة، سوف يرجع ويعترف بالتوافق والجمع في هذه الاختلاف، وقد أقر الأمة جميعا على أن في نفس الآيات مخصصات ومقيدات تقدم بعضه بعضا من دون ان يختلف فيه اثنان، مع عدم عد ذلك تناقضا وتهافتا في الكتاب ولا منافيا لقوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وليس ذلك الا عدم عد التقييد والتخصيص اختلافا وتناقضا في محيط التشريع والتقنين فلابد من ارجاع تلك الأخبار إلى المخالفات الكلية التي تباين القرآن وتعارضه وكان باب الافتراء من خصماء الأئمة (ع) مفتوحا عليهم بمصراعيه، وكانوا يدسون في كتب أصحاب أبي جعفر عليه السلام وكانت الغاية للقالة والجعل هو ان يثبتوا عند الناس انحطاط مقاماتهم بالأكاذيب الموضوعة حتى يرجع الناس عن بابهم، وغير ذلك من الهوسات فما قيل إن الدس منهم لم يكن بنحو التباين الكلى والتناقض في غير محله.