القسم الثاني ما إذا دار المخصص المنفصل بين المتباينين، فالحق انه يسرى الاجمال إليه حكما بمعنى عدم جواز التمسك به في واحد منهما وإن كان العام حجة في واحد معين واقعا ولازمه اعمال قواعد العلم الاجمالي، وان شئت قلت إن العلم الاجمالي بخروج واحد منهما يوجب تساوى العام في الشمول لكل واحد منهما ولا يتمسك به في اثبات واحد منهما الا بمرجح وهو منتف بالغرض، وبتعبير آخر: انه بعد الاطلاع بالمخصص لا متيقن في البين حتى يؤخذ به و يترك المشكوك كما في الأقل والأكثر بل كلاهما في الاحتمال متساويان فلا محيص عن اجراء قواعد العلم الاجمالي، فلو كان المخصص رافعا لكلفة الوجوب عن مورد التخصيص وكان مقتضى العام هو الوجوب، فلازمه اكرام كلا الرجلين حتى يستيقن بالبرائة، ولو كان المخصص ظاهرا في حرمة مورده فيكون المقام من قبيل دوران الامر بين المحذورين ولكل حكمه.
التمسك بالعام في الشبهة المصداقية محط البحث في الاشتباه المصداقي لأجل الشبهة الخارجية، انما هو فيما إذا أحرز كون فرد مصداقا لعنوان العام أعني العالم قطعا ولكن شك في انطباق عنوان المخصص أعني الفاسق عليه وبعبارة أخرى: البحث فيما إذا خص العام، ولم يتعنون ظهور العام بقيد زائد سوى نفسه لا في تقييد المطلق الذي يوجب تقييده بقيد زائد سوى ما اخذ في لسان الدليل، وبما ذكرنا يظهر الخلط فيما افاده بعض الأعاظم حيث قال (ان تمام الموضوع في العام قبل التخصيص هو طبيعة العالم، وإذا ورد المخصص يكشف عن أن العالم بعض الموضوع وبعضه الاخر هو العادل فيكون الموضوع واقعا هو العالم العادل فالتمسك في الشبهة المصداقية للخاص يرجع إلى التمسك فيها لنفس العام من غير فرق بين القضايا الحقيقية وغيرها)، (وجه الخلط) ان ما افاده صحيح في المطلق والمقيد واما العام فالحكم فيه متعلق بافراد مدخول أداته لا على عنوان