ذلك الظرف كما مر بيانه في النسيان والاكراه، وان تعلق بترك جزء أو شرط فلا يمكن تصحيح العمل به حسب ما أوضحناه في الاكراه فلا نعيده القول في المسببات فلنذكر ما افاده بعض أعاظم العصر ثم نعقبه بما هو المختار قال (قدس سره) المسببات على قسمين فهي تارة تكون من الأمور الاعتبارية التي ليس بحذائها في وعاء العين شئ كالملكية والزوجية مما أمضاها الشارع فهذا القسم من الأحكام الوضعية يستقل بالجعل فلو فرض انه أمكن ان يقع المسبب عن اكراه ونحوه كان للتمسك بحديث الرفع مجال فينزل المسبب منزلة المعدوم في عدم ترتب الآثار المترتبة على السبب لا أقول إن الرفع تعلق بالآثار بل تعلق بنفس المسبب لأنه بنفسه مما تناله يد الجعل.
و (أخرى) ما يكون المسبب من الأمور الواقعية التي كشف عنها الشارع كالطهارة والنجاسة فإنها غير قابلة للرفع التشريعي ولا تناله يد الجعل والرفع، نعم يصح ان يتعلق الرفع التشريعي بها بلحاظ ما رتب عليها من الآثار الشرعية ولا يتوهم ان لازم ذلك عدم وجوب الغسل على من أكره على الجنابة أو عدم وجوب التطهير على من أكره على النجاسة بدعوى ان الجنابة المكره عليها وان لم تقبل الرفع التشريعي الا انها باعتبار ما لها من الأثر وهو الغسل قابلة للرفع، فان الغسل والتطهير امران وجوديان قد أمر بهما الشارع عقيب الجنابة والنجاسة مطلقا من غير فرق بين الجنابة الاختيارية وغيرها " انتهى كلامه ".
قلت: ان ما تفصى به عن اشكال غير صحيح فان كونهما أمرين وجوديين لا يوجب عدم صحة رفعهما، كما أن اطلاق الدليل في الجناية الاختيارية وغيرها، لا يمنع عن الرفع ضرورة ان الغرض حكومة الحديث على الاطلاقات الأولية، بل الاطلاق مصحح للحكومة كما لا يخفى (والأولى) ان يقال في التفصي عن الاشكال انه قد تحقق في محله ان الغسل مستحب نفسي قد جعل بهذه الحيثية مقدمة للصلاة وعلى ذلك