ذلك ما ورد في حق الزوجة المكرهة على الجماع في يوم رمضان وفى حق المكرهة على الزنا، انه لا شئ عليهما عند الاكراه، وهذا يدل على عمومية رافعية الاكراه للوضعي والتكليفي، وما افاده: من أن الاكراه ان وصل إلى الجرح جاز ذلك الا انه من جهة الحرج لا الاكراه، مدفوع بان التدبر في الروايات والآية يعطى ان علة ارتفاع الحكم لأجل كون المكلف مكرها أضف إلى ذلك ان الاكراه الشديد لأجل توعيده بأمر لا يتحمل عادة لا يوجب كون المكره فيه (أي متعلق الاكراه) حرجيا الا مع التكلف فلو أكرهه المكره على شرب الخمر وأوعده بالضرب والجرح، فما هو متعلق الاكراه ليس حرجيا، وكون تركه حرجيا لأجل ما يترتب عليه عند الترك لا يوجب اتصاف متعلق الاكراه بالحرج الا بالتكلف وهذا بخلاف الاكراه فان الشرب متعلق للاكراه بلا ريب.
وقصارى ما يمكن ان يقال: إن الضرورة قاضية على عدم كفاية الاكراه لارتكاب بعض المحرمات وهو ليس بأمر غريب، ولها نظائر وشواهد في الفقه، فان بعض العظايم من المحرمات لا يمكن رفع حكمه بالحديث بعامة عناوينها ولا بعنوان آخر كالتقية، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في الرسالة التي عملناها لبيان حال التقية فراجع وهذه الرسالة جاهزة للطبع وعلقنا عليها بعض التعاليق.
الأمر السابع قد فصل شيخنا العلامة أعلى الله مقامه فيما إذا شك في مانعية شئ للصلاة بين الشبهة الموضوعية والحكمية فاستشكل جريان البراءة في الثانية وقد أفاد في وجهه: ان الصحة فيها انما يكون ما دام شاكا فإذا قطع بالمانعية يجب عليها الإعادة، ولا يمكن القول بتخصيص المانع بما علم مانعيته فإنه مستحيل بخلاف الشبهة الموضوعية لامكان ذلك فيها (أقول) ان المستحيل انما هو جعل المانعية ابتداءا في حق العالم بالمانعية لاستلزامه الدور، واما جعلها ابتداءا بنحو الاطلاق ثم اخراج ما هو مشكوك مانعيته ببركة حديث الرفع بان يرفع فعلية مانعيته في ظرف مخصوص، فليس بمستحيل بل واقع شايع، وقد مر نبذ من الكلام في الاجزاء