الفعل في الذاكر والناسي أمر واحد بلا اختلاف في هذه الجهة، وانما الاختلاف في مصداق الطبيعة، وهو لا يجب اختلافا في الامر، وبالجملة: ان الفرد الكامل والفرد الناقص كلاهما فردان من الطبيعة المأمور بها، غير أنه يلزم على الذاكر ايجادها في ضمن ذلك الفرد الكامل، وعلى الناسي ايجادها في ضمن ذلك الناقص، لرفع جزئية الجزء في حق الناسي لأجل حكومة الحديث، وإيجاد الفرد، ايجاد لنفس الطبيعة المأمور بها، وايجادها مسقط للامر، محصل للغرض موجب للاجزاء، وان شئت: فنزل المقام بما دل على الاكتفاء بالطهارة الترابية عند فقدان الماء، فان باعث الواجد والفاقد انما هو أمر واحد وهو الأوامر المؤكدة في الكتاب و السنة، والمأمور به هو الطبيعة الواحدة أعني طبيعة الصلاة، غير أنه يجب على الواجد ايجادها بالطهارة المائية وعلى غير المتمكن ايجادها بالطهارة المائية، والاختلاف في المصداق لا يوجب تعدد الامر، والخطاب، ولا يوجب وقوع طبيعة الصلاة متعلقا لامرين وإذا اتضح الحال فيها، فقس المقام عليه فان حديث الرفع يجعل الفاقد بمصداق الطبيعة، ولا يصير الطبيعة متعلقة لامرين، ولا تحتاج إلى خطابين ولا إلى توجهه بحاله ولا إلى كون المصداق هو الناقص حتى يبحث عن امكان اختصاص الناسي بالخطاب فقد اتضح مما ذكر صحة عبادة الناسي بحديث الرفع.
ثم إن بعض أعاظم العصر (قدس سره) قد أيد ما ادعاه (قصور حديث الرفع عن اثبات صحة عبادة الناسي) بان المدرك لصحة الصلاة الفاقدة للجزء والشرط نسيانا انما هو قاعدة: " لا تعاد " فلو كان المدرك حديث الرفع كان اللازم صحة الصلاة بمجرد نسيان الجزء أو الشرط مطلقا من غير فرق بين الأركان وغيرها، فإنه لا يمكن استفادة التفصيل من حديث الرفع ويؤيد ذلك أنه لم يعهد من الفقهاء التمسك بحديث الرفع لصحة الصلاة وغيرها من سائر المركبات " انتهى " وفيه: ان استفادة التفصيل بين الأركان وغيرها من قاعدة: " لا تعاد " لا يوجب عدم كون حديث الرفع دليلا لصحة عبادة الناسي غاية الأمر يلزم من الجمع بين الدليلين تخصيص أحدهما أعني حديث الرفع بما يقتضيه الاخر من التفصيل، واما ما افاده من عدم معهودية التمسك به في كلمات القوم، فكفاه