وعندئذ يعم كل حجب لم يكن مستندا لتقصيره لأجل ضياع الكتب أو طول الزمان أو قصور البيان أو حدوث حوادث ونزول نوازل وملمات عائقة بحسب الطبع عن بلوغ الاحكام إلى العباد على ما هي، وعندئذ يكون اسناد الحجب إليه على سبيل المجاز ومثله كثير في الكتاب والسنة، فان مطلق تلك الأفعال يسند إليه تعالى بكثير من دون أن يكون خلاف ظاهر في نظر العرف ومما ذكرنا يظهر ضعف ما افاده: من أن الظاهر من الحديث ما لم يبينه للعباد وتعلقت عنايته تعالى بمنع اطلاع العباد عليه لعدم أمر رسله بتبليغه حتى يصح اسناد الحجب إليه تعالى، فالرواية مساوقة لما ورد من أن الله سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا. (وجه الضعف) ان الظاهر المتبادر من قوله: موضوع عنهم هو رفع ما هو المجعول، لا رفع ما لم يبين من رأس ولم يبلغ بل لم يأمر الرسل باظهاره فان ما كان كذلك، غير موضوع بالضرورة ولا يحتاج إلى البيان مع أنه مخالف لظاهر موضوع عنهم أضف إلى ذلك أنه مخالف للمناسبة المغروسة في ذهن أهل المحاورة، والداعي لهم لاختيار هذا المعنى تصور ان اسناد الحجب إلى الله تعالى لا يصح الا في تلك الصورة، واما إذا كان علة الحجب اخفاء الظالمين وضياع الكتب فالحاجب نفس العباد لا هو تعالى وقد عرفت جوابه فلا نكرره 3 - من الاخبار التي استدلوا بها قوله " ع ": الناس في سعة مالا يعلمون ودلالته على البراءة وعدم لزوم الاحتياط واضح جدا فإنه لو كان الاحتياط لازما عند الجهل بالواقع لما كان الناس في سعة مالا يعلمون بل كان عليهم الاحتياط وهو موجب للضيق بلا اشكال.
(فان قلت) بعد العلم بوجوب الاحتياط يرتفع عدم العلم وينقلب إلى العلم بالشئ (قلت) ان الظاهر المتبادر هو العلم بالواقع والجهل به وليس العلم بوجوب الاحتياط علما بالواقع إذ ليس طريقا إليه وان شئت قلت إن العلم المستعمل في الروايات وإن كان المراد منه المعنى الأعم أي الحجة لا الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، ولكن الحجة عبارة عن الطرق العقلائية والشرعية إلى الواقع التي تكشف