عبادة جعلت مقدمة، ولا يتوقف عباديتها على الامر الغيري بل لها أمر نفسي بل التحقيق ان ملاك العبادية في الأمور التعبدية ليس هو الامر المتعلق بها بل مناطها هو صلوح الشئ للتعبد به واتيانه للتقرب به إليه تعالى وعلى ذلك استقر ارتكاز المتشرعة لانهم في اتيان الواجبات التعبدية يقصدون التقرب إليه تعالى بهذه الأعمال مع الغفلة عن أوامرها المتعلقة بها، ولو أنكرت اطباق المتشرعة في العبادات الا ان انكار ما ذكرناه ملاكا للعبادية مما لا سبيل إليه (نعم) لا يمكن الاطلاع على صلوح العبادية غالبا الا بوحي من الله تعالى وبذلك يستغنى عن كثير من الأجوبة التي سيجئ الإشارة إليه بإذن الله من أن عباديتها لأجل تعلق الامر الغيري أو النفسي عليها فارتقب، وكما ينحل بذلك عبادية الطهارات ينحل أيضا شبهة ترتب الثواب عليها لأجل العبادية وشبهة الدور، لأنها انما ترد لو قلنا بان عباديتها موقوفة على الامر الغيري وقد عرفت خلافه، ومما ذكرناه من الجواب يقرب ما ذكره المحقق الخراساني ويفترق عنه بما يسلم عن بعض المناقشات فان قلت إن الالتزام بعبادية الطهارات الثلث حتى التميم مشكل جدا إذ ليس الأخير عبادة نفسية (وما) ربما يستفاد من ظواهر اخباره كونه عبادة على فرض تسليمه ليس بحجة لاعراض الأصحاب عنها (قلت) يمكن ان يقال بل يستكشف من احتياجه إلى قصد التقرب وترتب المثوبة، كونه عبادة في نفسه الا انه في غير حال المقدمية ينطبق عليه مانع عن عباديتها الفعلية أو يقال بأنه عبادة في ظرف خاص وهو كونه مأتيا به بقصد التوصل إلى الغايات لابان تكون عباديته لأجل الامرى الغيري فان قلت فعلى ذلك لابد ان يؤتى بها لأجل رجحانها الذاتي، مع أن سيرة المتشرعة جارية على اتيانها لأجل التوصل بها إلى الغايات وعليه فلو اتى بها لأجل الغير تقع صحيحة وان غفل عن ملاك العبادية كما عليه بعضهم في تصحيح العبادية (قلت) بل نجد ارتكاز المتشرعة في خلاف ذلك أترى من نفسك ان ترميهم بأنهم لا يفرقون بين الستر وتطهير الثوب للصلاة وبين الطهارات الثلث لأجل التوصل إليها، بل لا شك انه يقصدون بها التعبد ويجعل ما هو عبادة، مقدمة إلى غاياتها فيؤتى بالوضوء متقربا به إلى الله تعالى، والغفلة انما عن الامر النفسي والغيري وقد تقدم ان العبادة لا نحتاج إلى أزيد من كونه صالحا للتعبدية (هذا) هو المختار في دفع الاشكالات
(١٩٨)