بطبيعة فيمتثله المكلف دفعة مع بقاء الامر ثم يمتثله ثانيا ويجعل المصداق الثاني الذي تحقق به الامتثال، بدل الأول الذي تحقق به الامتثال الأول واما تبديل مصداق المأمور به الذي تحقق به الامتثال، بمصداق آخر غير محقق للامتثال لكن محصل للغرض اقتضاءا، مثل المصداق الأول أو بنحو أوفى، فهو لا يتوقف على بقاء الامر بل من قبيل تبديل مصداق المأمور به بمصداق آخر لا بصفة كونه مأمورا به، واما قوله (ع) و (يجعلها فريضة) فالمراد منه انه يأتي الصلاة ناويا بها الظهر أو العصر مثلا، لا اتيانه امتثالا للامر الواجب ضرورة سقوطه باتيان الصلاة الجامعة للشرائط ولهذا حكى عن ظاهر الفقهاء الا من شذ من المتأخرين تعين قصد الاستحباب في المعادة للامر الاستحبابي المتعلق بها واما قضية الأوفى بالغرض و اختيار أحبهما إليه وأمثالهما مما ينتزه عنها مقام الربوبي، فهي على طبق فهم الناس وحسب محاوراتهم قطعا ثم إن في كلام بعض محققي العصر رحمه الله وجها آخر لتوجيه الموارد التي توهم كونها من تبديل امتثال بآخر و (ملخصه) ان فعل المكلف ربما يكون مقدمة لفعل المولى الجوارحي كامره باحضار الماء ليشربه أو الجوانحي كامره بإعادة الصلاة جماعة ليختار أحبهما إليه، فهذه الافعال أمر بها لتكون مقدمة لبعض أفعاله (فح) ان قلنا بوجوب المقدمة الموصلة كان الواجب هو الفعل الذي أوصل المولى إلى غرضه الأصلي وكان الاخر غير متصف به لعدم ايصاله فالواجب هو الماء الذي حصل منه الشرب أو الصلاة المعادة التي اختاره فليس الا امتثال واحد، وان قلنا بوجوب مطلق المقدمة فعدم امكان التبديل أوضح لسقوط الامر بالامتثال الأول انتهى وفيه اما (أولا) فان جعل الأوامر الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين من قبيل الوجوب الغيري دون النفسي لحديث كونها مقدمات إلى الأغراض، مما لا يرضى به أحد كيف وهى من أشهر مصاديق الواجبات النفسية ومعه لا يبقى لما ذكره بشقيه وجه، وقد قدمنا مناط الغيرية والنفسية في محله و (ثانيا) ان المقدمة الموصلة بأي وجه صححنا وجوبها انما تتحقق فيما إذا كان الايصال تحت اختيار العبد وقدرته، حتى تقع تحت دائرة الطلب والمفروض ان فعل المولى أو اختياره متوسط بين فعل العبد وحصول الغرض، فلابد ان يتعلق الامر بنفس المقدمة من غير لحاظ الايصال، وما ربما يتكرر في كلامه قدس سره من أن الواجب هو
(١٤١)