سبحانه (سارعوا إلى مغفرة من ربكم)، بتقريب ان المراد منها ليس نفسها لكونها فعل الرب بل الأسباب المعدة لحصولها وفيه اما (أولا) ان ظاهر الآيات بشهادة ذيلها (كجنة عرضها السماوات والأرض) هو الوعظ والارشاد إلى ما يستقل به العقل من حسن المسارعة والاستباق إلى ما بعث إليه المولى لا المولوية و (ثانيا) ان الظاهر من مادة الاستباق وهيئة المسارعة هو ان الامر متوجه إلى تسابق المكلفين بعضهم على بعض إلى فعل الخيرات و (إلى مغفرة من ربهم) أي في تقدم شخص على شخص آخر في أمر مع معرضيته لهما كما في قوله تعالى (فاستبقا الباب) لا في مبادرة شخص على عمل مع قطع النظر عن كونه مورد المسابقة بين اقرانه و (عليه) لابد من حمل الخيرات وأسباب المغفرة على ما لو لم يسبق المكلف إليه لفات منه باتيان غيره مثل الواجبات الكفائية ومعه يصير الامر للارشاد و (ثالثا) انه لا دلالة في آية المسارعة على العموم وما قيل من أن توصيف النكرة بقوله (من ربكم) يفيد العموم لا محصل له أصلا، ويؤيد ذلك انك إذا تفحصت التفاسير تجد الأقوال متشتة في تفسير المغفرة حيث احتملوا أن يكون المراد كلمة الشهادة أو أداء الفرايض كما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أو التكبير الأول من الجماعة أو الصف الأول منها أو التوبة أو الاخلاص أو الهجرة قبل فتح مكة أو متابعة الرسول أو الاستغفار أو الجهاد أو أداء الطاعات أو الصلوات الخمس، فالترديد والاختلاف شاهدان على عدم استفادة العموم والا لم يجعلوا البعض قبال بعض فتأمل وأورد عليه بعض الأعاظم اشكالا عقليا وهو انه يلزم من وجوب الاستباق إلى الخيرات عدمه توضيح ذلك ان الاستباق إلى الخيرات يقتضى بمفهومه وجود عدد منها يتحقق بفعل بعض دون بعض مع كونهما من الخيرات وعلى فرض وجوب الاستباق إلى الخيرات يلزم أن يكون الفرد الذي لا يتحقق به الاستباق ان لا يكون منها، لمزاحمته الفرد الآخر وعلى فرض انتفاء كونه من مصاديقها يلزم عدم وجوب الاستباق فيما يتحقق فيه وما يلزم من وجوده عدمه محال ولا يذهب عليك ان ما ذكره تكلف وتجشم اما (أولا) فلان معنى استبقوا كما مر ذكره مستمدا عن قوله تعالى (فاستبقا الباب) انما هو بعث المكلفين إلى سبق بعضهم بعضا لأسبق بعض الخيرات على بعض و (ثانيا) وقوع التزاحم بين الواجبين أو الأكثر لا يخرج الواجب المزاحم (بالفتح) عن الخيرية إذ الفرض كون السقوط لأجل التزاحم لا التعارض
(١٣٤)