يحفظ اطلاق الشرطيتين واطلاق الجزاء فيهما ولا يوجب تجوزا في صيغة الامر على فرض وضعها للوجوب فان المراد من وضعها ليس وضعها له لهذا المفهوم الأسمى بل لإيجاد البعث الناشئ من الإرادة الحتمية وهو حاصل في المؤكد بالكسر والمؤكد، أترى من نفسك انك إذا امرت ولدك بأوامر مؤكدة ان تمنع عن كون الثاني والثالث مستعملة في غير معناه كيف وهذا كتاب الله والذكر الحكيم بين ظهرانينا تتلى آياته آناء الليل والنهار فهل تجد من نفسك ان تقول ان أوامره المؤكدة في الصلاة وغيرها مما استعملت في غير البعث عن الإرادة الالزامية بل ترى كلها صادرة عن إرادة الزامية وغاية كل منها انبعاث المأمور نعم حمل الامر على التأكيد يوجب ارتفاع التأسيس وهو خلاف ظاهر الامر لكنه ظهور لا يعارض اطلاق المادة والشرطية فإذا دار الامر بين رفع اليد عن أحد الاطلاقين ورفع اليد عن التأسيس لا ريب في أولوية الثاني وفيما نحن فيه إذا حمل الامر على التأكيد يرفع التعارض بين الاطلاقين (والحاصل) ان ما ذكر لا يقتضى الا رفع اليد من التأسيس الذي يقتضيه السياق ولا ضير فيه لاطباقهم على طرده إذا دار الامر بينه وبين الاخذ باطلاق بعض اجزاء الكلام ومما ذكرنا يظهر ضعف ما في مقالات بعض محققي العصر (رحمه الله) من أن تأكد الوجوب في ظرف تكرر الشرط يوجب عدم استقلال الشرط في التأثير لبداهة استناد الوجوب الواحد المتأكد إليهما لا إلى كل منهما (وجه الضعف) ان البعث الالزامي الناشئ من الإرادة الالزامية متعدد وكل منهما معلول لواحد من الشرطيتين لا انهما يؤثران في وجوب واحد متأكد، لان التأكيد منتزع من تكرار البعثين وكذا الوجوب المتأكد أمر انتزاعي منه لا انه معلول للشرطيتين (ثم إنه) يظهر من الشيخ الأعظم تحكيم هذه المقدمة بوجهين الأول ان الأسباب الشرعية كالأسباب العقلية (فح) لو كانت الأسباب الشرعية سببا لنفس الاحكام يجب تعدد ايجاد الفعل فان المسبب يكون هو اشتغال الذمة بايجاده، والسبب الثاني لو لم يقتض اشتغالا آخر فاما أن يكون لنقص في السبب أو المسبب وليس النقص في شئ منهما اما الأول فمفروض واما الثاني فلان قبول الاشتغال للتعدد تابع لقبول الفعل المتعلق له، والمفروض قبوله للتعدد واحتمال التأكيد مدفوع بعد ملاحظة الأسباب العقلية (انتهى) وفيه (أولا) ان قياس التشريع بالتكوين قياس مع الفارق وقد أوعزنا إلى فساده غير مرة فراجع (وثانيا) ان اشتغال الذمة بايجاد الفعل ليس الا الوجوب على المكلف، وليس
(٣٥٦)